: آخر تحديث

هل ينجح الموظف الرقمي؟

2
2
2

خبر لافت نشر الأسبوع الماضي عن تسريح ‎أمازون لآلاف الموظفين في مقابل اعتمادها على الأتمتة والذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة وخفض التكاليف التشغيلية.. هذه الخطوة تطرح سؤالاً جوهرياً حول ما إذا كان الموظف الرقمي القائم على الأتمتة والذكاء الاصطناعي قادر على أن يحل محل البشر في الوظائف التي كانوا يشغلوها حتى الآن.

الواقع يقول إن الاعتماد على التقنية لا ينتج بالضرورة استبدالاً مباشراً للعنصر البشري، بل ربما تغير في طبيعة مهام العمل، إذ إن الأتمتة عادة ما تقتصر على المهام المتكررة والمحددة، بينما يبقى للإنسان دور بارز في المهام التي تتطلب تفاعلاً إنسانياً أو حسّاً إبداعياً أو قدرة على المعالجة السياقية.. ففي حالة أمازون، أُشير إلى أن التقنيات الرقمية تؤمن أداءً أسرع ومزيداً من الكفاءة، لكن تصريحات الخبراء بيّنت أن نتائج هذه المبادرات ما زالت غير واضحة بالكامل، وأن أغلب المبادرات الرقمية لا تحقق عائداً ملموساً في بعض الأحيان.

من جهة ثانية، تغيير وظائف العمل لا يعني بالضرورة أن الوظائف تختفي، بل أن بعضها يُعاد تشكيله أو يُستبدل بنموذج مختلف.. ففي شركة مثل أمازون، فإن خفض الوظائف الإدارية تصحبه إعلانات عن توظيف في مجالات استراتيجيّة تكنولوجية تشير إلى ضرورة وجود مهارات بشرية جديدة تتكامل مع التقنية ولا تُستبدل بها.  

من هذا المنطلق، يمكن القول إن احتمال أن ينجح الموظف الرقمي في تولّي جميع وظائف البشر محدود في الوقت الراهن، لأن اللمسة البشرية تظل عاملاً جوهرياً يصعب محاكاتها بالكامل عبر الخوارزميات.. المستقبل المهني يبدو وكأنه مزيج بين البشر والأنظمة الرقمية، حيث يُكمل كل منهما الآخر في أدوار متداخلة وليست متنافرة.

وبالتالي يتضح أن السياسات العامة والشركات مطالبة بإعادة النظر في استراتيجيات التوظيف، والتدريب المهني، وتأهيل العاملين للمهارات التي تزيد من القيمة البشرية في السوق.. يجب أن يتوجه التركيز نحو المهام التي تكمل التقنية من حيث الإبداع والتفاعل وفهم السياق، بدلاً من التركيز على المهام التي أصبحت تقوم بها الآلات.. وهذا التحول يعيد تشكيل مفهوم العمل ويمنح الإنسان دوراً مختلفاً في دورة الإنتاج.. لأن التقنية مهما بلغ ذكاؤها هي عنصر مساند يرفع كفاءة الأداء ويختصر الزمن، عدا ذلك يعتبر مغامرة في تمكين التقنية بشكل كامل لأن المهارة البشرية أساس التطوير والتفكير والتخطيط.. القيمة الحقيقية للعمل تنشأ من الجمع بين التحليل الإنساني والدقة الرقمية، ومن قدرة العاملين على توجيه الأدوات الذكية نحو إنتاج أفكار ومشروعات تحقق نتائج ملموسة في الاقتصاد والمعرفة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد