كنت في زيارة تعليمية لدراسة اللغة الإنجليزية حينما كنت في أولى سنوات الجامعة، في جامعة الملك سعود بالرياض، وكانت الزيارة للولايات المتحدة الأميركية، وتحديداً في ولاية كلورادو، وبشكل أدق في مدينة فورت كلنز، وكان البرفسور عبد العزيز بن سليمان الطرباق، الذي أصبح فيما بعد عميداً لكلية الهندسة بجامعة الملك سعود، بالإضافة إلى مناصب استشارية أخرى، بصفته أحد أهم خبراء مصادر المياه، يدرس درجة الدكتوراه حينها، وكان يستضيفني كل يوم أحد بصفتي أعزب، وهو متزوج، لأستمتع بالطعام العربي، وفي إحدى الزيارات زاره الدكتور تركي الحمد بصحبة زوجته، ومعهما هدية لطفل الدكتور عبد العزيز، وكانت الهدية عبارة عن قطار كهربائي يسير على سكة مخصصة له، شاهدت الدكتور عبد العزيز والدكتور تركي يُجهزان اللعبة، فظننتهما يجهزانها للطفل، بعد تجهيز اللعبة بدآ يلعبان بها، فقلت يجربان جاهزيتها، لكنهما استمرا في اللعب لمدة طويلة حتى أصابني الضجر، فقلت لهما: أنتما جلبتما اللعبة للطفل أم لكما، فأجاباني بصوت واحد: يا علي دعنا نستمتع باللعبة، فنحن لم نملك مثلها حينما كنا صغاراً، ضحكنا، وأنهيا اللعب.
تداعت لي هذه القصة حينما زرت يوم الجمعة الماضي مدينة القدية، بدعوة كريمة من المشرفين عليها، وكانت تشتمل على ترفيه بمواصفات عالمية جديدة على مدينة الرياض، والمدينة في أشد الحاجة لها، إذ يمكن للعائلة قضاء يوم كامل وممتع في المدينة، فعرض المشرفون دراسة علمية توضح أن الترفيه ليس مخصصاً للصغار فقط، بل إن الكبار يستمتعون بالترفيه أيضاً، هنا أدركت أن الاثنين؛ الدكتور عبد العزيز والدكتور تركي، كانا على حق، وكانا بحاجة للترفيه رغم أنهما راشدان.
مدينة القدية ليست مدينة مخصصة للعائلة فقط، بل هي مدينة تستوعب الجميع، عوائل وعزاباً، فهناك ساحة مخصصة لمشاهدة مباريات كرة القدم عبر الشاشات لمن لم يتسنَّ لهم الحضور إلى الملعب، بالإضافة إلى ملعب رياضي يستوعب 46 ألف متفرج، سيكون أحد الملاعب التي ستُقام عليها مباريات كأس العالم حينما تستضيفها السعودية، وهو ملعب بمواصفات جديدة، كل ما فيه متحرك، سواء الأرضيات أو الجدران، ويمكن تصغيره ليستوعب الفعاليات المتوسطة. المدينة تشتمل على أنشطة ترفيهية متعددة لا يستوعبها مقال كهذا، ومنها على سبيل المثال لا الحصر الألعاب المائية وغيرها، المهم أن المدينة مقامة على مساحة 360 كيلومتراً مربعاً، وهي أكبر من مساحة مدينة بريدة أو الطائف أو بوسطن، وستستوعب المدينة نصف مليون ساكن، وستوفر 300 ألف وظيفة. ومعروف أن وظائف الترفيه تنقسم إلى قسمين؛ قسم يحتاج إلى تعليم متخصص، وقسم يحتاج إلى تدريب بسيط يمكن إشغاله بالوظائف المؤقتة، مثل منظمي السير لدى الألعاب، وبائعي الأطعمة، وموظفي الاستعلامات، وغير ذلك من الوظائف المماثلة التي لا تحتاج إلى تدريب كبير.
مدينة القدية ستكون أيقونة الرياض المقبلة، التي ستكون متنفساً لساكني الرياض وزائريها، ليستمتع الصغار والكبار بالترفيه، ولا سيما أن المدينة تحتوي على ملعب غولف جاهز للاستخدام، ألم أقل لكم إن الترفيه ليس للصغار فقط. ودمتم.

