: آخر تحديث

الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لتحليل خطابات المسؤولين

1
1
1

محمد سليمان العنقري

العنوان ليس اقتراحاً بل حقيقة، حيث بدأ بعض المسؤولين بالغرب العمل بها فقد كشف رئيس البنك المركزي الألماني، «يواكيم ناجل» خلال فعالية أقامها البنك أنه استعان بأداة مطوّرة داخلياً تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل خطاباته قبل إلقائها، حتى يعرف كيف ستتلقّي الأسواق خطابه وما إذا كانت النبرة تميل إلى التشديد أو التيسير موضحاً ان الذكاء الاصطناعي لم يكتب خطابه بل فقط يحلل الأثر المحتمل على اعتبار أن الأسواق شديدة الحساسية لخطابات مسؤولي السياسات النقدية والمالية عامةً وأثر كلماتهم يعد كبيراً وموجهاً لها.

ما أعلنه المسؤول الألماني يحمل دلالات هامة للمستقبل حول استخدامات التكنولوجيا الحديثة في المساعدة على القراءة الدقيقة لتصريحاتهم نظراً لأن أثرها ليس بالبسيط إذ قد يترتب عليه ضخ مليارات بالأسواق أو هروبها منها فحساسية أسواق المال عالية جداً ولا ينتظر المستثمرين كثيراً لياخذوا قراراتهم، فبمجرد التقاط أية إشارة مهما كانت بسيطة فإنهم بحسب اثرها الاولي يتصرفون، فإن كانت تعطي انطباعاً سلبياً فانهم يسحبون جزءا من استثماراتهم حتى تتضح الصورة تماماً ليكونوا متحوطين لاي تداعيات والعكس صحيح، عندما تأتي اشارة ايجابية فإن شهية المخاطرة ترتفع لديهم حتى يستفيدوا من أثر التوجهات الداعمة للاقتصاد والأسواق.

ولكن السؤال: كيف تمت تغذية تلك الأداة بمحددات ذات ارتباط نفسي اي الفرص بمشاعر الناس فهي مسألة في غاية التعقيد، وغالباً لم يقتصر العمل على التقنيين لتطوير تلك الاداة اذ لابد من الاستعانة بخبراء بعلم النفس، وكذلك العودة للماضي لقراءة اثر كل خطاب أو قرار صدر سابقاً ليضعوا تلك المعايير التي بموجبها تخدمهم تلك الاداة التي يبدو أنه روعي فيها السرية والاعتماد على قدرات البنك ببنائها؛ فألمانيا تعد الاقتصاد الأهم في اوروبا وأحد أكبر خمسة اقتصادات عالمياً، ولذلك فإن حديث رئيس البنك المركزي الالماني له اثر كبير جداً باوروبا والعالم.

الاتجاه للاستعانة بالذكاء الاصطناعي لتحليل أثر خطاب مسؤول اقتصادي بارز عالمياً يمهد الطريق للتوسع اكثر بالاعتماد على اداة مشابهة لدى أغلب المسؤولين في العالم، وذلك لتعميق فهم أثر كلماتهم على الاقتصاد وغيره من المجالات؛ فالاعتماد على المختصين كما يحدث حالياً يبدو من وجهة نظر المسؤول الالماني لم يعد كافياً فالاسواق شديدة الحساسية وكل كلمة تقال يجب أن تكون محسوبة؛ فالتداول أصبح يقاد بالخوارزميات اي ان الألة هي من تتحرك لتنفيذ الاوامر بالسوق فلِمَ لا يصبح تحليل اثر القرارات والخطابات بالألة ايضاً كونها اصبحت طرفاً بالأسواق، فبعض القرارات او التصريحات قد تضيف او تمسح مئات المليارات بأسواق المال، بل وحتى باتجاهات الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي كما حدث في اميركا خلال الخمسة أعوام الأخيرة من تأثير خطابات الفيدرالي ومسؤولي الحكومة الامريكية الحالية والسابقة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد