عادل الزبيري
بجلباب تقليدي مغربي، بألوان جذابة، ينزل العاهل المغربي محمد السادس من الطائرة، في جولة إفريقية جديدة، ولكن هذه المرة الوجهة غير مسبوقة، في تاريخ الزيارات الملكية المغربية إلى الخارج؛ الوجهة هي شرق القارة السمراء.
فبعد سلسلة من الزيارات الملكية، إلى دول في غرب إفريقيا، وبعد حُزم متواترة من الاتفاقيات لبناء شراكات استراتيجية غير مسبوقة، مع دول أبرزها السينغال وساحل العاج والغابون؛ جاء الدور على دول من شرق أفريقيا؛ لبناء جسور تعاون ثنائي مثمر، تحت مظلة التعاون جنوب جنوب، ووفق منطق رابح رابح.
وبهذا يكون العاهل المغربي، وجه دفة الماكينة الدبلوماسية، من إفريقيا الناطقة بالفرنسية، صوب أفريقيا التي تتكلم الإنجليزية، من إفريقيا المرتبطة تاريخيا مع المغرب، بالمستعمر الفرنسي صوب آفاق أرحب في ضيافة دول أفريقية لها قوتها القارية، وتواجدهاوهو جغرافيا في الشرق.
العمل الميداني في إفريقيا
ففي العام 2016، أكمل العاهل محمد السادس دوليا، "سياسة المحاور المتعددة"، مع الصين والهند وروسيا، خارج محاور الرباط الكلاسيكية مع فرنسا وإسبانيا والاتحاد الأوروبي وأمريكا.
كما بقيت إفريقيا، في عمق "التحرك الاستراتيجي المغربي"؛ لأن الملك المغربي، دافع منذ جلوسه على العرش في صيف 1999؛ في خطب رسمية من المغرب وعبر العالم، عن إفريقيا، وعن حق القارة السمراء في التنمية، وفي التعويض من القوى الاستعمارية الغربية، أما ميدانيا فيشتغل محمد السادس؛ بأسلوب تراكمي زمنيا وجغرافيا، فوق الأرض الإفريقية.
ففي إفريقيا، قدمت زعامات منذ 50 عاما مضت، نماذج للشراكة الاقتصادية، أو للهيمنة السياسية، كما فعل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، وعلى النقيض من ذلك؛ يقدم العاهل المغربي "أسلوبا دبلوماسيا" مختلفا تماما، قائما على الربح الاقتصادي والتجاري المشترك، وعلى تقاسم أعباء التنمية الاجتماعية، وعلى صناعة المستقبل المشترك معا.
اتفاقيات استراتيجية في إفريقيا
ويوقع العاهل المغربي على شراكة جديدة للرباط، مع شرق إفريقيا؛ ففي الجولة الحالية الجديدة، إلى شرق أفريقيا، حزم من الاتفاقيات الثنائية، مع كل من رواندا وتنزانيا، في انتظار وصول الملك محمد السادس إلى إثيوبيا، لنسج خيوط صلات مستمرة.
ويخلق العاهل المغربي الحدث إفريقيا، في تحركاته، يدق الطبل في تواصل إفريقي عميق، في تنزانيا؛ أي أن الملك محمد السادس أصبح له أسلوب قائم بالذات في الحكم، وفي التحرك الدبلوماسي؛ وكما قالوا قديما "الرجل هو الأسلوب"؛ فلم تعد تسبق جولاته الدولية حملات تواصلية عبر الصحافة المغربية، ولكن للرجل/ الملك أسلوب يشد انتباه الخصم الدولي قبل الصديق.
وخص العاهل المغربي محمد السادس القارة الإفريقية، بأكبر عدد من الزيارات، لأن المغرب جغرافيا، بلد إفريقي أولا، ما يعني أن هذه القارة التي يتصارع العالم من جديد على خيراتها، وتحقق فيها دول نسب نمو سنويتقارب 10%، هي خيار مغربي أولي في سياق قيادة القطار صوب المستقبل الممكن.
الحاجة في إفريقيا إلى المغرب
وبالنسبة إلى المغرب، لا يمكن إقناع إفريقيا بالحاجة إلى الرباط، في منظمة الاتحاد الإفريقي،
وبعدالة القضية المغربية الوطنية الأولى، قضية الأقاليم الصحراوية، أو كما تسمى دوليا بنزاع الصحراء الغربية، ولا يمكن إقناع دول إفريقيا بحق المغرب في مدنه الصحراوية الغربية، دون خلق لمصالح مشتركة، ودون تعاون ثنائي مثمر، ودون مد للجسور المشتركة في الدين والانتماء الثقافي والاجتماعي والقاري.
وفي ظل استمرار انغلاق الأفق في شمال إفريقيا، دبلوماسيا وسياسيا، وغرق دول شمال المتوسط في تداعيات متواصلة للأزمة الاقتصادية والمالية للعام 2008؛ تبقى شرق وغرب وجنوب ووسط إفريقيا؛ أرضا خصبة لفتوحات دبلوماسية مغربية؛ يقودها الملك محمد السادس.