إيلاف من الرباط : انتُخبت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب،أمينة بوعياش،الثلاثاء،رئيسةً للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان،خلفاً للقطرية مريم العطية،خلال الجمعية العامة للتحالف المنعقدة في جنيف،التي عقدت على هامش الدورة الـ58 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وجاء انتخاب بوعياش،التي حظيت بدعم شبكة المؤسسات الوطنية الإفريقية لحقوق الإنسان،وبإجماع المؤسسات المصنفة في الفئة "أ"، وفق ما أعلنه فلادن ستيفانوف، رئيس قسم المؤسسات الوطنية والآليات الإقليمية لحقوق الإنسان في مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة.
ويعيد هذا الانتخاب القارة الإفريقية إلى قيادة التحالف بعد عشر سنوات، في وقت يشهد تزايد التحديات أمام المؤسسات الحقوقية، لا سيما فيما يتعلق بتمويلها واستقلاليتها، فضلاً عن تقلص الفضاء المدني في عدة دول.
وفي تصريح عقب انتخابها، قالت بوعياش إن هذا المنصب يمثل مسؤولية كبرى في ظل التحديات المتصاعدة التي تواجه حقوق الإنسان على الصعيد الدولي، مشيرةً إلى أن التحالف يضطلع بدور محوري في التفاعل مع الأمم المتحدة وتنسيق الجهود لحماية الحقوق والحريات الأساسية.
وأضافت بوعياش أن قضايا مثل التغيرات المناخية، النزاعات المسلحة، العنف ضد النساء، وتحديات التكنولوجيا والرقمنة، تتطلب عملاً جماعياً من المؤسسات الوطنية لتعزيز آليات الحماية وضمان عدم تهميش الفئات الأكثر ضعفاً.
ومن المرتقب أن تقود بوعياش التحالف العالمي لمدة ثلاث سنوات، في الوقت الذي انتُخبت فيه الإيرلندية أليسون كيلباتريك أمينةً عامةً للتحالف، في خطوة تعكس تنوع التمثيل الجغرافي داخل المنظمة.
مسيرة حقوقية
بدأت أمينة بوعياش مسيرتها الحقوقية أواخر الثمانينيات، في زمن كانت فيه المطالبة بالحريات تتطلب شجاعة استثنائية. ورغم صغر سنها آنذاك، انخرطت في النضال الجمعوي، ثم التحقت بالمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، التي ترأستها ما بين 2006 و2010، حيث عملت على توسيع دائرة الدفاع عن الحقوق الأساسية، في سياق وطني شهد تحولات كبرى، خاصة مع الإصلاحات التي تلت هيئة الإنصاف والمصالحة.
لم يكن صوتها مسموعًا فقط داخل المغرب، بل امتد تأثيرها إلى الساحة الدولية، حيث حملت قضايا حرية التعبير وحقوق المرأة إلى محافل كبرى، وشاركت في حوارات دولية عززت من مكانتها كمدافعة شرسة عن القيم الكونية لحقوق الإنسان.
قيادة المجلس الوطني لحقوق الإنسان
في عام 2018، جاء تعيينها على رأس المجلس الوطني لحقوق الإنسان كإحدى المحطات المفصلية في مسيرتها. اذ أصبحت أول امرأة تقود هذه المؤسسة الدستورية، في ظرفية دقيقة تطلبت مواقف متوازنة بين مقتضيات الدولة الحقوقية وانتظارات المجتمع المدني.
واجهت بوعياش خلال ولايتها تحديات كبرى، من قضايا الحريات الفردية والاحتجاجات الاجتماعية إلى ملف الهجرة واللجوء. ولم يكن طريقها مفروشًا بالورود، إذ تعرض المجلس الوطني لحقوق الانسان لانتقادات، خاصة فيما يتعلق بحرية التعبير ومعالجة بعض الملفات المرتبطة بالاحتجاجات.
ومع ذلك، ظلت بوعياش وفية لمقاربتها، مقتنعة بأن النضال داخل المؤسسات لا يقل أهمية عن النضال الميداني، بل قد يكون أكثر تأثيرًا على المدى البعيد.