: آخر تحديث
يحث نتنياهو على عدم الخضوع لسموثريتش وبن غفير

أولمرت: علينا تجنّب الحرب مع لبنان بأي ثمن

8
8
7

إيلاف من بيروت: في مقالة نشرتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت القيادة الإسرائيلية الحالية إلى عدم الرضوخ للتحريض اليميني، وتجنب أي حرب واسعة النطاق مع لبنان، حتى لو استدعى ذلك التفاوض مع حزب الله.

في ما يأتي ترجمة "إيلاف" العربية لمقالة أولمرت، كما ظهرت في النسخة الإنكليزية لموقع صحيفة "هآرتس" الإلكتروني:

في 12 يوليو 2006، قدت الحكومة الإسرائيلية لاتخاذ القرار بشأن الرد العسكري الشامل على هجوم حزب الله على دورية للجيش الإسرائيلي على الحدود مع لبنان، قرب موشاف زرعيت. في بداية هجوم حزب الله، قُتل 10 جنود في عربتين مدرعتين. في الوقت نفسه، أطلق حزب الله وابلاً من الصواريخ اجتاحت أقصى شمال إسرائيل، من الشرق إلى الغرب.

بعد مناقشة مطولة، قرر مجلس الوزراء آنذاك أن هجوم حزب الله يتطلب ردا شاملا لتغيير قواعد اللعبة على الحدود الشمالية ووقف هجمات حزب الله المستمرة، التي عطلت الحياة اليومية في المنطقة فترة طويلة. وفي 14 أغسطس، أي بعد ما يزيد قليلاً على الشهر من بدء الحرب، دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في أعقاب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701.

أثارت حرب لبنان الثانية، إذا استخدمنا اسمها الرسمي في إسرائيل، جدلاً في البلاد في ذلك الوقت. كان عدد كبير من الإسرائيليين، وربما أغلبيتهم، مقتنعين حينها أن الحرب كانت فاشلة وأضعفت ردعنا العسكري بشدة. كان الخبراء في الاستراتيجيا العسكرية والمعلقون السياسيون والجنرالات المتقاعدون والمنافسون السياسيون غارقين في انتقاداتهم لاستمرار الحرب، ولعدم وجود صورة واضحة للنصر في نهايتها، وللتوغل البري في الساعات الأخيرة، ويعتقد المحللون أنه كان غير ضروري.

نصر مفقود
ذهب رئيس الأركان السابق موشيه يعالون إلى حد الزعم أن دخول ثلاث فرق إسرائيلية إلى لبنان في نهاية الحملة كان 'قرارًا فاسداً' و'خطوة تصب في خانة العلاقات العامة'، هدفها الوحيد رسم صورة للنصر المفقود.

في الواقع، بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 14 أغسطس 2006، ووفقاً لقرار مجلس الأمن، تم نشر 15.000 جندي من الجيش اللبناني على طول حدود لبنان مع إسرائيل، إلى جانب 12.000 جندي من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، والتي تضم العديد من الجنود من الدول الأوروبية.

انسحب حزب الله من جنوب لبنان إلى شمال نهر الليطاني على بعد عشرات الكيلومترات من الحدود مع إسرائيل. على مدى 17 عاماً، كانت الحدود الشمالية لإسرائيل هي الأكثر هدوءاً والأكثر أمانًا، مع أكبر قدر من الردع، من بين نقاط الاتصال الإسرائيلية مع المعادين لنا – في سوريا إلى الشمال الشرقي، وفي الأراضي التي تحتلها إسرائيل في الشرق وبالطبع مع قطاع غزة.

ردت إسرائيل بقوة على محاولات حزب الله انتهاك القرار 1701 بإدخال الأسلحة إلى لبنان، ودمرت قوافل الأسلحة التي كانت تسافر براً من إيران وتركيا وسوريا. وخلافاً للانطباع المشوه الذي يحاول دعاة الحرب خلقه، تراجع حزب الله إلى الليطاني واختفى من منطقة الحدود الجنوبية للبنان عدة سنوات.

إنجاز استراتيجي؟
اليوم، يُنظر إلى حرب لبنان الثانية إنجازاً استراتيجياً، حتى لو استمر عدد كبير من منتقديها في وصمها بالفشل. مؤكد أن سكان شمال إسرائيل الذين تم إنقاذهم من التهديد المباشر لحزب الله بعد أن ظلوا في خط النار لسنوات عديدة وتمتعوا بالهدوء والأمن والردع لسنوات عديدة، يفتقدون بالتأكيد الأيام الهادئة التي ازدهر فيها الشمال.

كريات شمونة، التي خلت من سكانها منذ أواخر أكتوبر، تشتاق لتلك السنوات التي لم يتم فيها استخدام الملاجئ في المدينة المنكوبة. الأطفال الذين يبلغون من العمر 17 عامًا أو أقل والذين نشأوا في كريات شمونة وفي جميع أنحاء الشمال لم يقضوا ليلة واحدة في الملاجئ التي كانت تحمي أجيالًا من الشماليين من نيران الصواريخ والقذائف المتكررة.

قامت الحكومة الحالية بإجلاء سكان المناطق الحدودية، واضطر عشرات الآلاف إلى ترك منازلهم، والمنطقة الأمنية الجديدة ليست في لبنان، بل في داخل إسرائيل.

نواجه الآن قراراً ذا أهمية استراتيجية: إما أن ننجر إلى مواجهة شاملة ومباشرة مع حزب الله، أو نحاول التفاوض على اتفاق من شأنه أن يوقف الاحتكاك العسكري في الشمال، ويعيد المنطقة إلى وضعها الطبيعي، إلى الهدوء الذي ساد منذ أكثر من 17 عامًا.

لا تنجروا
في عام 2006، قدت إسرائيل إلى حرب لبنان الثانية. واليوم، في عام 2024، أوصي بألا نسمح لأنفسنا بالانجرار إلى صراع عسكري شامل يمكن منعه.

قعقعة زعيم حزب الله حسن نصر الله، من مخبأ يعيش فيه منذ 17 عاما، لا تخفي حذره. إنه يعلم أننا ندرك خوفه من المواجهة الشاملة  التي قد تندلع إذا استمرت استفزازات حزب الله.

إذًا، ما الذي يمكن فعله، وما الذي ينبغي فعله؟

أولاً، أنصح قادة إسرائيل - رئيس الوزراء، ووزير الدفاع، والقيادة العسكرية العليا - بإنهاء تهديداتهم الشرسة ضد حزب الله. إنهم لا يظهرون الثقة بالنفس ومن غير المرجح أن يعيدوا أي لاجئ إسرائيلي إلى منزله. هناك احتمال كبير بأن تؤدي هذه التهديدات والتحذيرات والظهور الإعلامي المتكرر لمتحدثين حكوميين متشددين إلى تشجيع حزب الله على مواصلة إطلاق الصواريخ على أهداف عديدة في الشمال، ومن شأن تبادل إطلاق النار أن يجرنا إلى عملية شاملة يمكننا منعها.

على النقيض من حماس، المنظمة الإرهابية التي تحكم قطاع غزة، فإن حزب الله منظمة إرهابية متعصبة وخسيسة يعمل تحت عباءة الدولة اللبنانية، التي عليها أن تأخذ في الاعتبار الموت والدمار الذي قد يلحقه توسيع الأعمال العدائية لكثير من المدنيين الموجودين فيها.

مصلحة مشتركة
ليس من قبيل الصدفة أن يرى المحللون العسكريون الإسرائيليون في تصرفات حزب الله حتى الآن إحجاماً عن إطلاق صواريخ بعيدة المدى على إسرائيل. عندما ينطلق الصاروخ الأول من لبنان ويطير فوق شمال إسرائيل نحو وسط البلاد، فسيؤدي إلى اندلاع حرب وحشية، والمناطق التي كانت حتى الآن خارج نطاق النيران ستتعرض لأضرار جسيمة، لكنها ستؤدي أيضًا إلى تدمير لبنان، وسيؤدي ذلك إلى تدمير الضاحية الجنوبية الشيعية التي دمرتها إسرائيل في حرب لبنان الثانية، ما سيتسبب في فرار مئات الآلاف من سكان جنوب لبنان نحو وسط البلاد وخلق فوضى من شأنها أن تهدم البلاد.

من مصلحة حزب الله – ومن مصلحة إسرائيل – منع الحرب من التوسع. الطريقة للقيام بذلك، بعد انتهاء تبادل التهديدات الساخنة، هي العودة إلى طاولة المحادثات لترسيم الحدود البرية.

على الرغم من خطاب نصر الله الأجوف، ممكن تماماً أن ننظر إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 باعتباره أساساً ملائمًا للتوصل إلى ترتيب مع لبنان، من شأنه أن يعيد إلى الحدود الشمالية الوضع الذي كان سائداً لسنوات بعد انتهاء القتال في عام 2006.

نعم، لإسرائيل أيضاً مصلحة في التنفيذ الكامل للقرار الأممي. بعد الحرب، انخرط نتنياهو في التحريض المتواصل ضد حكومتي، مدعياً أن القرار وصفة للاستسلام، لكنه كان يعلم جيداً أن حزب الله تراجع بالفعل إلى شمال نهر الليطاني، بعيداً عن الحدود مع إسرائيل. وكان ضعف حكوماته المتعاقبة هو ما مهد الطريق لعودة حزب الله إلى الحدود، ما أدى في النهاية إلى إجلاء جماعي للسكان من المنطقة.

وكل يوم يبقى فيه سكان المنطقة الحدودية بعيدا عن منازلهم هو يوم هزيمة عسكرية وسياسية لإسرائيل. ولا يمكن إسرائيل، ولا ينبغي لها، أن تسمح باستمرار هذا الوضع.

ليس كذلك
السؤال هو: هل الصراع الشامل هو السبيل لتغيير هذا الوضع؟

في رأيي، كلا، ليس كذلك. علينا أن نرسم خطة لحل قضايا الحدود المتعلقة بمنطقة مزارع شبعا وقرية الغجر شرقا (على سفوح هار دوف) وخط الانتداب المرسوم في عام 1923 الذي حدد خط هدنة عام 1949. وهذا الخط مطابق لما يسمى بالخط الأزرق المحدد في قراري مجلس الأمن الدولي 425 و426 اللذين صدرا في عام 2000 بعد انسحابنا من لبنان.

إضافة إلى هذه القضايا، هناك 13 نقطة على طول الحدود الدائمة بين إسرائيل ولبنان محل نزاع بين البلدين. وينبغي التفاوض على كل هذه القضايا العالقة، بمشاركة الولايات المتحدة وبدعم من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بهدف التوصل إلى ترتيب يتيح تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701، بما في ذلك تراجع حزب الله إلى شمال الليطاني.
واضح بالنسبة إلي أن عصابة المتنمرين المسيحانيين المكونة من الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش ومؤيديهما، والتي تسيطر على الحكومة اليوم، سوف تعتبر هذا الأمر هزيمة لإسرائيل، وسوف يتهمون كل من يدعمها بالخيانة والاستسلام.

يجب أن نتذكر أن جنوب لبنان ليس جزءا من أرض إسرائيل التاريخية، التي تعهدت حكومة نتنياهو بإبقائها تحت سيطرتنا إلى الأبد. هذه هي بالضبط الورقة التي يمكننا أن نلعب بها لتجنب الانجرار إلى حرب أخرى ستكون مؤلمة للغاية لإسرائيل أيضًا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار