: آخر تحديث
افتتح ندوتها الاولى في ذكرى موسمها الثقافي ال 40

الرئيس السنغالي: اصيلة تعطينا الرغبة والحماس والقوة

133
144
123

أصيلة: قال الرئيس السنغالي ماكي صال، إن شعب بلاده يرى في المغرب بلدا مضيافا تربطه به أواصر عديدة، مؤكدا أن قيم التآخي والتآزر بين البلدين تحظى بعناية خاصة من طرف قيادة البلدين الشقيقين منذ عقود.

وأضاف صال الذي حل ضيفا فوق العادة على مدينة أصيلة (شمال المغرب)، في افتتاح الدورة الأربعين لموسمها الثقافي الدولي مساء الجمعة، أن العاهل المغربي الملك محمد السادس "ظل وفيا للتراث الذي يجمع بين البلدين ، ونسعى لنقله للأجيال الصاعدة".

ماكي صال يتحدث في منتدى اصيلةً

وامتدح الرئيس صال، مدينة أصيلة، معتبرا أن التجربة التي راكمتها على امتداد اربعة عقود في تنظيم موسم أصيلة الثقافي الدولي ، تشكل مصدر إلهام.

وقال صال إن أصيلة بتجربتها "تعطينا الرغبة والحماس والقوة نحو تحقيق الاندماج في المستقبل، داعيا إلى العمل على المزيد من والتنسيق وتكثيف الجهد بين دول القارة من أجل تحقيق المزيد من الاندماج والوحدة التي تخدم شعوب القارة.

وقال الرئيس السنغالي انه متفائل بشأن مستقل القارة الأفريقية، وزاد قائلا "يجب أن نستعرض الوضع ونرى أين نحن من طريق الوحدة والتكامل، هناك من يتشاءم ، وهناك من يتفاءل، وأنا أتحلى بالتفاؤل بمستقبل أفريقيا".

محمد بن عيسى امين عام منتدى اصيلة 

واشار صال إلى أن ما عاشته القارة الأفريقية من تجارب "مقلقة  لا أعتقد أن قارة أخرى عرفتها"، مؤكدا أنه على الرغم من ذلك " لم نتنازل عن تحقيق مقومات التكامل الأفريقي بين بلدان القارة"، لافتا إلى أن حركية التضامن بين البلدان نجمت عنه استقلال الدول من الاستعمار وإحداث منظمة الوحدة الأفريقية.

محمد الاعرج وزير الثقافة والاتصال 

وأشار الرئيس السنغالي إلى أن اختيار منتدى أصيلة لأفريقيا ضيف شرف وإثارة موضوع التكامل بين دول القارة، أمر مهم يأتي في سياق عودة المغرب للاتحاد الافريقي، واستدرك قائلا: "المغرب لم يسبق له أن غادر الوحدة الافريقية، بل كان موجود منذ العمل التمهيدي لمشروع وحدة أفريقيا"، منوها بالأدوار التي يقوم بها في القارة السمراء بقيادة الملك محمد السادس.

واعتبر الرئيس السنغالي أن السلام "لا يسود القارة الأفريقية برمتها"، مبرزا أن  هذا التحدي "يدفعنا للمزيد من العمل والاجتهاد للعمل على تحقيق التنمية والاندماج الاقتصادي"، لافتا إلى أن المبادلات التجارية البينية بين دول القارة لا تشكل إلا "15 بالمائة من مجموع المبادلات التجارية".

وأفاد صال بأن المصاعب التي تواجهها القارة "لا بد من التغلب عليها"، مطالبا بضرورة المضي قدما في ترسيخ شراكة جديدة لتنمية أفريقيا بحيث يكون التكامل في صلب العمل القاري، كما أكد على أهمية "تقوية التعاون على مشاريع مشتركة عابرة للحدود وتحقيق الاندماج الجمركي".

وزاد الرئيس السنغالي قائلا: "علينا أن نتغلب على عدم الثقة والشكوك حتى نتغلب عن القيود التجارية وحرية تنقل الأشخاص"، لافتا إلى ان تحقيق هذا الهدف يستدعي "التنازل عن جزء من السيادة الوطنية للدول".

الرئيس ماكي صال   لدى وصوله الى مكتبة 

من جهته، عبر محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة ووزير خارجية المغرب الأسبق، عن فخره واعتزازه لبلوغ المنتدى دورته الأربعين، حيث قال: بتواضع كبير، نفتخر أننا استطعنا الاستمرار في تنظيم هذه التظاهرة الثقافية العالمية على مدى أربعة عقود كاملة رغم كل ما يواجه عادة مثل هذه الرهانات الثقافية الكبرى من صعاب وإشكالات". 

وأضاف بن عيسى في كلمة ترحيبية ألقاها بالمناسبة، بأن مدينة أصيلة وسكانها "استكملوا أربعين سنة على طريق إقامة جسور التواصل والتفاهم والتعاون بين الشعوب من خلال مفكريها ومثقفيها ومبدعيها الذين قدموا إليها وشاركوا في فعاليات الموسم عاما بعد عام".

جانب من حضور افتتاح فعالية موسم اصيلة ال40

واستحضر أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة عددا من الرواد الأفارقة الذين "أناروا لنا الرؤى، وشحذوا رغبتنا لتهييء هذه البقعة الطيبة، والمراهنة عليها لإخصاب ما أصبح متداولا في المحافل الفكرية بحوار الثقافات والحضارات"، مذكرا بإسهامات الرئيس السنغالي الراحل والشاعر، ليبولود سيدار  سنغور، بمعية نخبة من المفكرين والفنانين والأدباء، ورجالات الدولة والسياسة وخبراء التنمية والإعلام من كل أنحاء أفريقيا.

وزاد بن عيسى موضحا أن الأفارقة في موسم أصيلة الثقافة الدولي "نجحوا في تحطيم جدار الصحراء الكبرى الوهمي"، مشددا على أن التظاهرة الثقافية التي يشرف عليها استبعدت من قاموسها عبارة "أفريقيا جنوب الصحراء"، معتبرا أن العاهل المغربي الملك محمد السادس "فسح أمام هذه الرؤية آفاقا رحبة على العديد من الأصعدة"، وتجسدها الرؤية الملكية ب"إرادة راسخة ومتجددة وأمل كبير في استنهاض قارتنا".

واعتبر بن عيسى أن السنغال الشقيق للمغرب يمثل "امتدادا مكملا لعمقنا الانساني الروحي والثقافي، قبل الاقتصادي"، وأضاف أن البلدين يشكلان "نموذج الاندماج والتمازج، بأمانة الوشائج التي تجمعهما، وهي المعبر الإنساني والثقافي الواصل بينهما".

ماكي صال في افتتاح منتدى اصيلةً

من جهته ، اعتبر ناصر بوريطة، وزير  الخارجية والتعاون الدولي المغربي ، أن حضور الرئيس السنغالي ماكي صال لافتتاح موسم أصيلة الثقافي الدولي يضفي حلة خاصة على الاحتفال بالذكرى الأربعين للموسم"، وأضاف أن هذا الحضور "عربون آخر على العلاقات الأخوية التاريخية والمتميزة بين المملكة المغربية وجمهورية السنغال الشقيقة".

وأكد بوريطة أن العلاقات المغربية - السنغالية "علاقات ثابتة من حيث عمقها وطبيعتها ومضمونها"، معتبرا أن استقبال السنغال "البلد الأفريقي الأصيل والصادق والوفي يحتل مكانة خاصة لدى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي  اجرى 8 زيارات رسمية منذ اعتلاء جلالته عرش أسلافه المنعمين، وهو ما لم يحظ به أي بلد آخر".

وزاد وزير الخارجية المغربي  مخاطبا رئيس السنغال "إن حضوركم يا فخامة الرئيس هو مناسبة لتأكيد الاعتزاز بمواقفكهم الأفريقية الصادقة والثابتة خدمة لقضايا ومصالح القارة"، كما عد حضوره اعتراف بدوره المحوري في الإندماج الأفريقي.

واعتبر بوريطة الرئيس السنغالي نموذجا للجيل الجديد من القادة الأفارقة الذين يجعلون من خدمة القارة وقضاياها العادلة أحد أولوياتهم الرئيسية"، وذلك في إشادة واضحة بضيف المغرب الكبير في موسم أصيلة الثقافي الدولي.

ناصر بوريطة وزير خارجية المغرب 

وشدد بوريطة على القول ان التكامل الأفريقي يمثل أحد أهم الملفات التي ينبغي الاشتغال عليها، مؤكدا على أن المغرب متفائل بالمستقبل ، يخاطب أفريقيا ويرى فيها مستقبلا واعدا، ويؤكد أن عليها ان تثق بنفسها لتحقق التكامل من أجل تجاوز الصعاب والتحديات.

وأفاد بوريطة بأن الإرادة السياسية للدفع بالقارة نحو تحقيق الاندماج بين بلدانها "غير كافية"، وشدد على القول انه برغم ذلك "أمامنا مجال واسع للتحسين"، ودعا في الآن ذاته، إلى ضرورة تحلي بلدان القارة بالواقعية في إطار مساعي التكامل والاندماج.  

ًمن جهته، أكد وزير الثقافة والاتصال محمد الأعرج، أن ما أتاحته مواسم أصيلة من نقاشات حية وغنية بكل اللغات وما وفرته من رصيد فكري زاخر "عمل رائد يؤكد عمق الرسالة الإنسانية النبيلة، التي جعلت من أصيلة جسرا بين الشرق والغرب، من أجل تفاهم أفضل وحوار أمثل بين ثقافات العالم".

ونوه الأعرج بالموسم الثقافي الدولي لأصيلة وبالقائمين عليه، معتبرا أن هذه التظاهرة الثقافية الكبرى "لا يخفى على أحد أثرها الإيجابي الكبير، في تعزيز جاذبية وإشعاع الصورة الثقافية للمغرب، داخليا وخارجيا".

وزاد وزير الثقافة مادحا المدينة وعرسها الفكري والثقافي الفريد، حيث قال: "مدينة اتاحت لها مواسمها الأربعون أن تكون معبرا للتواصل والتلاقح، بين أجيال وثقافات وإبداعات وشخصيات وازنة طبعت مسارات الفكر والإبداع، وعوالم السياسة والديبلوماسية، بل وتاريخ الأوطان والشعوب". 

ودعا الأعرج إلى ضرورة الاشتغال على الثقافة انطلاقا من الغنى والتنوع الثقافي والحضاري الذي يميز القارة الأفريقية، والذي يحوي "طبقات فنية وثقافية كفيلة بصناعة ثقافية إبداعية خلاقة، وكفيلة بانبثاق إفريقيا موحدة"، على حد قوله

كلمة رئيس السنغال ماكي صال في افتتاح موسم اصيلة الثقافي ال 40

الاندماج الأفريقي: توافق الآراء ومكامن الخلل
السيد محمد بن عيسى ، عمدة أصيلة، رئيس "مؤسسة منتدى أصيلة"، مضيفنا،

سيداتي، سادتي،
أصدقائي الأعزاء،

بالنسبة لكل سنغالي وكل سنغالية، المغرب هو أرض كرم وضيافة أخوية، حيث يوحدنا، بالفعل، تقليد قديم من العلاقات الإنسانية القوية والوثيقة.

أحيي الإسهام القيِّم الذي يواصل جلالة الملك محمد السادس تقديمه لتراث الأجداد هذا.

وسنبقى، جلالة الملك وأنا، وفيين لإرث الأسلاف، نعمل كل يوم لإثرائه ونقله إلى الأجيال القادمة.

أود أن أشكر السيد العمدة، محمد بن عيسى  رئيس مؤسسة منتدى أصيلة، على دعوته الكريمة وترحيبه الحار.

إن محمد بن عيسى، هو صديق قديم للسنغال. سافر إلى غاية داكار لكي يحمل إلي دعوة حضور موسم أصيلة الثقافي الدولي. وقد نقل لي، بالمناسبة، شغفه بالموسم الثقافي الدولي لأصيلة، الجميلة، مدينة الفنون والثقافات.

شكراً لك السيد العمدة، وتهانئي على الثبات الرائع في تنظيم هذا الموعد الخاص بالفكر والثقافة، منذ 40 عاماً.

هناك سبب آخر، يبرر وجودي هنا: الصداقة التي تربط أصيلة مع سلفي اللامع، الشاعر الرئيس ليوبولد سيدار سنغور، منشد موعد العطاء والأخذ والحضارة الكونية.

كان سنغور، هنا، في موسم 1982. أحب أصيلة لانسجامها وتناغمها في تنوعها الثقافي. وقد أحبت أصيلة سنغور لذوقه الثقافي، إلى حد تخليد اسمه من خلال ساحة عامة، وتخصيص ندوة له في موسم 1989.

واليوم، بمناسبة الذكرى الأربعين لموسم أصيلة، تُمنح جائزة تشيكايا أو تامسي للشعر الأفريقي لتلميذ أمين لسنغور، مواطننا أمادو لامين سال، الشاعر الفخري.

عزيزي أمادو، أبعث لك تهانئي الحارة.

سيواصل الشعراء إدهاشنا دائماً بهذه العبقرية المتفردة التي عليهم أن يبحثوا عن معانيها في جوهر الكلمات، التي تبهج القلب وتزيد من الخيال.

سيداتي، سادتي،

من خلال اجتماعنا هنا، نكرر الدعوة المشتركة، في مارس (آذار) 1982، التي أطلقها الرئيس سنغور والأمير الحسن من الأردن، من أجل الحوار والتعاون بين البلدان الأفريقية والعربية. إن الهدف من الحوار في الثقافة هو أن يكون رافعة قوية، ويفتح العقول، ويقلل المسافات، ويقرب بين الشعوب. وهو، أيضاً، هدف الاندماج.

إنه لمن السعادة، من هذا المنطلق، أن موضوع ندوتكم يدور حول الاندماج، في سياق عودة المغرب إلى المنظمة القارية، أسرتها الطبيعية. لكثافة علاقات الصداقة والتعاون، لم يغادر المغرب، أبداً، عائلته الأفريقية. وعلاوة على ذلك، فإن المغرب كان في قلب الحلم الأفريقي، منذ الأشغال التحضيرية لمنظمة الوحدة الأفريقية، مع مجموعة الدار البيضاء، حاملة مشروع الدولة الفيدرالية الأفريقية، في مواجهة مجموعة مونروفيا، أحد مؤيدي الاندماج على مراحل.

ها نحن، بعد أكثر من نصف قرن، بين نجاحات وخيبات أمل. إن حصيلة الاندماج الأفريقي تشبه كأساً نصف ممتلئة. يرى المتشائمون نصفها الفارغ، فيما يرى المتفائلون نصفها الممتلئ. أراهن على أن الكأس نصف ممتلئة.

لقياس نجاحاتنا وحدودنا، علينا أن نضع عملية الاندماج الأفريقي في سياقها التاريخي. وُلدت منظمة الوحدة الأفريقية في 1963 في أفريقيا، مبلقنة، بحدود مرسومة بشكل اعتباطي، بعد صدمة غير مسبوقة في تاريخ البشرية: 500 سنة من نهب مواردها البشرية والطبيعية ومن الاحتلال الاستعماري.

لم يسبق لقارة أن عرفت مثل هذا المصير المعطل. إن تجاهل هذه الحقيقة التاريخية، يؤدي إلى تشخيص مغلوط لمسلسل الاندماج في أفريقيا. ومع لك، فهذا لا يعني إعفاءنا من مسؤولياتنا الخاصة بالنسبة للحاضر والمستقبل.

وهكذا، من منظمة الوحدة الأفريقية إلى الاتحاد الأفريقي، فإن النجاحات على درب تحقيق الاندماج لا يمكن إنكارها.

لقد خلقت منظمة الوحدة الأفريقية دينامية للتضامن، مكنت من إتمام إنهاء الاستعمار في القارة، وتفكيك نظام الفصل العنصري، وتحديد موقف أفريقي مشترك في بعض القضايا الدولية، كما هو الحال، اليوم، مع توافق أوزولويني، حول إصلاح مجلس الأمن.

وباعتماد مبدأ احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار، فقد احتوى، على نحو ما، على الآثار الضارة للتقسيم الاستعماري عن طريق تجنب تعميم النزاعات الحدودية.

أخيراً، بفضل منظمة الوحدة الأفريقية، قامت القارة بتنظيم نفسها في مجتمعات اقتصادية إقليمية تعزز الاندماج من خلال خصوصيات تاريخية واجتماعية وثقافية وقرب جغرافي.

هذه النجاحات لا تخفي محدوديتنا وتحدياتنا.

لا يزال السلام الكامل للقارة هدفاً ينبغي تحقيقه، رغم أن عدد النزاعات المسلحة قد تناقص بشكل كبير. ويبقى الإرهاب مصدراً للقلق في القارة، حتى لو لم يكن التهديد خاصا بأفريقيا وحدها. لا يوجد بلد في العالم محصن ضد هذه الآفة.

على الصعيد الاقتصادي، لا تزال التجارة البينية الأفريقية ضعيفة، حيث تمثل 15 بالمائة، فقط، من إجمالي التجارة في القارة. أخيراً، على الرغم من استمرارها في إظهار معدلات نمو أعلى من المتوسط ​​العالمي، لا تزال القارة متخلفة في جميع قطاعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

هذه هي التحديات التي يسعى الاتحاد الأفريقي إلى معالجتها منذ إطلاقه بديربان عام 2002، وبالدينامية التي أوجدتها "الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا" (نيباد).

بفضل (نيباد)، حيث تشغل السنغال منصب الرئاسة، حالياً، صارت مواضيع التنمية في قلب جدول الأعمال بالقارة، ولقاءاتنا وتبادلاتنا في إطار التشاور مثل مجموعة السبع ومجموعة العشرين.

وأذكر بأن الهدف من (نيباد) يتمثل في تحفيز التكامل من خلال خلق الظروف الملائمة لإحداث تحول هيكلي في القارة، من خلال تنفيذ مشاريع مشتركة بين الدول : الطرق والطرق السريعة والجسور والسكك الحديدية ومحطات الكهرباء والسدود، والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إلخ.

كل هذه المشاريع، هي مضمنة في برنامج (نيباد). بعضها يوجد قيد التحقق.

وتتلخص وجهة نظري في أن الاندماج يبنى، في نفس الآن، على الرؤية السياسية التي تحدد الخطوط العريضة وعلى المشاريع التي تترجم هذه الرؤية إلى أفعال.

وهكذا، فإن التوقيع في 21 مارس (آذار) في كيغالي، من جانب 44 بلدا أفريقيا، على المعاهدة المنشئة لمنطقة التجارة الحرة الأفريقية القارية، يمثل خطوة نوعية نحو تحقيق هدف الاندماج.

تهدف منطقة التجارة الحرة الأفريقية القارية إلى تحقيق حركية حرة للأشخاص، واتحاد جمركي في 2022، ومجموعة اقتصادية أفريقية في 2028.

في هذه الأثناء، هناك طريق طويل يجب قطعها. وسيكون من الضروري تقليص انعدام مناخ الثقة والتغلب على التحفظات واستكمال المفاوضات بشأن تحرير القطاعات ومواءمة السياسات التجارية.

وعلاوة على ذلك، تبين التجربة أن عملية الاندماج يرافقها نقل تدريجي للسيادة، يحرم الدولة من بعض وسائل تنظيمها. لذلك، فهناك توازن يتعين مواجهته بين مقتضيات الدولة الأمة وضرورات المصير المشترك.

وفي سياق التهديد الإرهابي، على سبيل المثال، يجب التوفيق بين حق حرية التنقل والتزام الرقابة لأسباب أمنية.

فيما يتعلق باستراتيجية التكامل نفسها، يبدو لي أن المجتمعات الاقتصادية الإقليمية توفر أفضل طريقة للانضمام إلى التجمع على نطاق قاري؛ كلاهما لأسباب تتعلق بالاستمرارية الجغرافية والانسجام الاقتصادي والصلات الاجتماعية والثقافية.

هذا هو الحال مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو)، التي تطور، منذ 43 عاما، تجربة مشتركة ناجحة في مجالات متنوعة، كالوقاية من النزاعات، وإحلال وحفظ السلام، والإشراف على العمليات الانتخابية، والتجارة والتنمية. وتشمل النجاحات، التي حققتها حرية تنقل الأشخاص والسلع، وجواز السفر وبطاقة الهوية المشتركين، والتعرفة الخارجية المشتركة، ومشروع العملة المشتركة.

ولكن هناك جهودا، يجب بذلها لإزالة كل العقبات التي تعترض حرية تنقل الأشخاص والبضائع، بما في ذلك الحواجز غير الجمركية، والمضايقات والتصورات غير الصحيحة على الحدود.

في النهاية، على الرغم من العقبات والاختلالات، أعتقد أن هدف الاندماج يجب أن يبقى سليماً على المستوى القاري والإقليمي.

وفي مواجهة العولمة والتحالفات الاقتصادية الكبيرة التي تبرز، وحدها قارة مندمجة متضامنة، من يمكن أفريقيا من البقاء في عصر تتصاعد وتتصارع فيه الفرص، المخاطر وعدم اليقين.

إن دينامية الاندماج مهمة طويلة النفس. وكمن يسير في الصحراء بحثًا عن الواحة، سيكون علينا عبور الكثبان وتخطي السراب.

ولكن أسلافنا، بينوا لنا الخطى، من خلال الطرق العابرة للصحراء، من سجلماسة بالمغرب، إلى تمبكتو بمالي وواداغوست بموريتانيا، وأبعد من ذلك، إلى شمال السنغال.

بالنسبة لأسلافنا، لم تكن الصحراء حاجزاً، بل رابطاً وملتقى طرق للتبادل الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والروحي.

كذلك، يتعين أن يظل طموحنا.

تمنحنا أصيلة الرغبة؛

تمنحنا أصيلة الحماس؛

تمنحنا أصيلة القوة.

أشكركم


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار