: آخر تحديث
رفض "التوظيف الكيدي" لبنود قانون المسطرة الجنائية

وزير العدل المغربي يدافع عن تنظيم الإبلاغ عن الفساد

2
2
2

إيلاف من الرباط: صادق مجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية في البرلمان) مساء الثلاثاء، بالأغلبية، على مشروع قانون المسطرة الجنائية، وذلك بتصويت 24 مستشاراً لصالحه، مقابل معارضة أربعة، وامتناع اثنين عن التصويت.

وشكّلت الجلسة مناسبة لوزير العدل عبد اللطيف وهبي للدفاع عن فلسفة هذا الإصلاح، الذي يسعى إلى تحديث المنظومة الجنائية الإجرائية وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، مع ضبط العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني في ما يتعلق بمكافحة الفساد، وسط انتقادات بعض الأصوات التي رأت في المشروع تضييقاً على عمل الجمعيات.
وذكر وهبي أن القانون الجديد جاء استجابة لتحديات واقعية ولرؤية إصلاحية تستند إلى توجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس، مشيراً إلى أن التعديلات التي طالت آلية التبليغ عن الفساد تهدف إلى ضمان صدقية الإجراءات، والحدّ من التوظيف الكيدي لبعض المقتضيات القانونية. وقال "لا يمكن السماح بأن تتحول الوشايات المجهولة والتقارير الظنية إلى أدوات لتصفية الحسابات أو للابتزاز السياسي والإعلامي"، مشدداً على أن بعض الجمعيات خرجت عن أدوارها الأصلية وتحولت إلى "سلطات موازية تدعي مراقبة المال العام دون سند قانوني".

وبلغة الأرقام، أوضح وهبي أن رئاسة النيابة العامة توصلت خلال الفترة 2020-2024 بـ259 وشاية ضد مسؤولين منتخبين وإداريين، تم حفظ 112 منها، فيما بلغت خمس فقط مرحلة المحاكمة. 

وفي الفترة نفسها، تلقت النيابة العامة 106 شكوى من جمعيات في قضايا المال العام، تم حفظ 31 منها، و61 لا تزال قيد البحث. 

واعتبر الوزير وهبي أن هذه الأرقام تعكس هشاشة في الأدلة وضعفاً في الإسناد القانوني، ما يستدعي ضبط الإطار المؤسساتي لعمليات التبليغ.

في هذا السياق، دافع وزير العدل المغربي عن شرط "الترخيص المسبق" لتدخل الجمعيات في الدعاوى المدنية التابعة، واصفاً إياه بوسيلة لحماية الممارسة الجمعوية من الفوضى، وتوفير الشرعية القانونية لنشاطها، على غرار ما هو معمول به في ديمقراطيات عريقة مثل فرنسا.

وعلى المستوى التشريعي، كشف وهبي أن مشروع القانون استوعب أكثر من 130 تعديلاً، منها 104 تقدم بها أعضاء مجلس المستشارين، في إطار ما وصفه بـ"المقاربة التشاركية الموسعة". 

وتوزعت التعديلات على مجموعة من المحاور، من أبرزها، تقليص مدد رد الاعتبار، وتبسيط إجراءات المحاكمة، وتوسيع ضمانات الهوية، وتحديث المسطرة الغيابية باستعمال الوسائل الرقمية، إلى جانب مراجعة نظام الإكراه البدني وضبط آجال دخول القانون حيز التنفيذ.

وذكر وهبي أن القانون الجديد لا يستهدف العمل الجمعوي الجاد، لكنه شدد في المقابل على أن حماية المال العام مسؤولية مؤسساتية تتطلب تكويناً قانونياً ومهنياً لا يتوفر بالضرورة لدى النشطاء، وقال "الفرق بين الخطأ التدبيري والخطأ الجنائي دقيق، ويحتاج إلى تأهيل قانوني معمق، لا إلى هواة مدعين".

واعتبر وهبي أن الممارسة هي المحكّ الحقيقي لتنزيل القانون، متعهداً بأن تواصل وزارة العدل التنسيق مع مختلف الشركاء من أجل ضمان التطبيق السليم لمقتضياته، بما يعزز فعالية العدالة ويحمي الحقوق من دون تفريط أو إفراط.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار