إيلاف من عمان: بخبرتها التي تمتد لأكثر من 3 عقود في الإعلام والاتصال والسينما بجانب دراستها للعلوم السياسية وانخراطها في العمل الإعلامي، تعمل ندى دوماني مديرة لمهرجان عمان السينمائي الدولي.
وتحرص على تطوير المهرجان وجعله متوائماً مع المتغيرات، بالإضافة إلى الاستفادة من الفرص المتاحة لتقديم نسخة أفضل من سابقتها في كل عام.
في حوارها مع "إيلاف"،تحدثت ندى دوماني، التي تعتبر من مؤسسي مهرجان عمان السينمائي، عن المنحى المختلف لهذه الدورة وعن بعض الصعوبات التي واجهتهم في الدورة الجديدة وكيفية تغلبهم عليها، بالإضافة إلى شراكاتهم مع عدة جهات والأعمال المعروضة ضمن فعاليات المهرجان.
هذا العام وصل المهرجان لنسخته الخامسة، كيف ترين ما تحقق حتى اليوم؟
- الحفاظ على الاستمرارية أمر يعني لنا الكثير، وأعتقد أن المهرجان وجد مكانه في المنطقة إن لم نقل عالميا، وهذا الأمر مهم للغاية بالنسبة لنا. هدفنا ليس أن نكون مهرجاناً كبيراً، مميزا بمضمونه وجودته.
نهتم بتقديم أفضل الأعمال ضمن الفعاليات، بجانب الورش ومنصات تقديم المشاريع التي يستفيد منها صناع الأفلام الأردنيون والعرب ويتيح لهم فرص عديدة للتشبيك من الأمور التي تزداد من دورة لأخرى.
لكن موعد المهرجان لا يزال غير ثابت بشكل سنوي؟
- أعتقد أننا في طريقنا إلى اعتماد موعد إقامته سنوياً مطلع تموز (يوليو)، فلا نستطيع إقامة المهرجان في فصل الشتاء لرغبتنا في الاستفادة من الساحات الخارجية وبعض الفعاليات في الهواء الطلق. وفي الخريف تتواجد غالبية المهرجانات العربية بشكل متتالي، لذا سيكون شهر يوليو موعداً مناسباً من جميع النواحي.
هل يعني الابتعاد عن موعد إقامة غالبية المهرجانات العربية رغبة في تجنب المنافسة معها على عروض الأفلام؟
- نصنف مهرجان عمان باعتباره مهرجاناً متوسط الحجم ليس لديه رغبة بالتنافس مع أي مهرجان آخر وهو يعتمد على خصوصيته وعلى جمهوريه المحلي. استمرارية المهرجان تعتمد بشكل رئيسي على جمهوره المحلي وضيوفه وخاصة على استدامة التمويل، وهو الأمر المتحقق بفضل الدعم الذي نحصل عليه من جهات مختلفة سواء حكومية أو خاصة– مؤسساتية أو فردية - وجميعها أردنية. فالمهرجان حدث ثقافي مهم ونعمل على إثبات أنفسنا من خلال الفعاليات التي نقدمها في إطار ما يمكننا تقديمه.
عقدت الدورة الخامسة من المهرجان في توقيت صعب في ظل استمرار "حرب غزة"، هل كان هناك مخاوف من الأحداث السياسية؟
- لن أذيع سراً إذا تحدثت عن شعورنا كطاقم وفريق عمل وأيضا مجلس إدارة بالتردد في البداية بشكل بسيط، لعدة أسباب أهمها قرب الأردن الشديد من فلسطين، بالإضافة إلى تواجد أعداد كبيرة من الفلسطينيين وشعورنا كأردنيين بأننا شعب واحد.
لكن المهرجان لا يصنف كحدث احتفالي بقدر ما هو احتفاء بالسينما وصناعها، الأمر الذي يجعله بمثابة فعالية ثقافية. لذا كان القرار إقامة المهرجان وأن نحكي ونسرد من خلاله حكايتنا كي لا نترك لغيرنا المقال ليتحدث عنا وباسمنا، فالمهرجان يقدم سينما عربية وقصص بلغتنا التي نعتز بها.
بمناسبة الحديث عن الأفلام، كيف يجري اختيار الأعمال المشاركة في المهرجان؟
- في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية يكون التركيز على الأعمال الأولى للمخرجين أو الممثلين الرئيسيين أو المؤلف، وفي الأفلام الوثائقية يكون العمل الأول لمخرجه أو للمونتير. وهناك أفلام يتم اختيارها خارج المسابقة الرسمية وتعرض بإطار المهرجان ولدينا مرونة في هذا الأمر. وهذا العام عرضنا على سبيل المثال فيلم "باب الشمس" للمخرج يسري نصر الله والذي يحكي تاريخ فلسطين، إضافة إلى مجموعة أفلام "من المسافة صفر" صنعها غزاويون في خضم الحرب الدائرة عليهم. وهذا هو العرض العالمي الأول لهذه المجموعة.
هل تجدون صعوبة في اختيار الأفلام المشاركة بالمسابقة الرسمية؟
- عندما فكرنا في سياسة اختيار العمل الأول كنا نخشى من أن يكون الأمر محدوداً بسبب غياب الإنتاجات الكافية بشكل سنوي. لكن لحسن الحظ الوضع يبدو كل عام أفضل من سابقه، مع وجود جيل جديد في العالم العربي من صناع السينما يقدمون تجارب أولى مميزة، إن كان في الإخراج أو في التمثيل او في كتابة السيناريو.
يتكرر هذا العام التعاون مع الاتحاد الدولي للنقاد "FIPRESCI"، كيف ترينه؟
- المهرجان يفتح أبوابه للتعاون مع الجميع، وبالتأكيد الاتحاد من الجهات التي يسعدنا العمل المشترك معها ومنح جائزة للأفلام العربية الوثائقية الطويلة المشاركة فيه عبر لجنة التحكيم.
هل تتعاونون أيضاً مع جهات عدة داخل الأردن؟
- بالتأكيد، وكل عام قبل المهرجان نقوم بجولة على الجامعات والمعاهد المختلفة ونتحدث معهم عن الفرص التعليمية التي تتاح ضمن الفعاليات وورش العمل المتعلقة بصناعة السينما التي تقام حتى يشارك الطلاب وصناع السينما فيها ليستفيدوا منها. ونسمع منهم ما يريدون أن يعرفوه بشكل أكثر تفصيلاً.
كما أن الهيئة الملكية الأردنية للأفلام جهة داعمة أساسية وهي تعتبر المؤسسة السينمائية الرئيسية في الأردن.
بالعودة للحديث عن الدورة الحالية، هل واجهتم صعوبة فيما يتعلق بالتصاريح التي تمنحها الرقابة للأعمال قبل عرضها في المهرجان؟
- صحيح أن هناك حدوداً رقابية على الأفلام المعروضة جماهيريا، لكننا كمهرجان لدينا مساحة أكبر من تلك الممنوحة للأفلام التي تعرض تجارياً في الصالات. وهناك تعاون وثقة متبادلة بيننا وبين الجهات المعنية، وحتى في الدورات السابقة لم نواجه أي مشكلات في هذا السياق. فسقف الحرية مرتفع نسبيا في الأردن والرقابة على الأفلام التي ترتكز على تطبيق روح القانون الذي نحترمه.
هل هناك تصورات يجري تنفيذها لمشاركة مزيد من الجمهور في فعاليات المهرجان؟
- بالتأكيد، هذا العام على سبيل المثال أضفنا يوماً إضافياً في مدة المهرجان بعد ملاحظتنا العام الماضي أننا بحاجة لإقامة مزيد من العروض المسائية لكون أهل البلد يعملون بالنهار، بالإضافة إلى تجنب تزامن بعض العروض حتى يكون هناك فرصة لمشاهدة أكبر عدد من الأعمال. ورغم كون الأفلام التي نعرضها تعتبر أفلام غير تجارية إلا أن هناك وعياً لدى الجمهور بأن المهرجان فرصة لمشاهدة هذه الأعمال ومناقشتها مع صناعها، الأمر الذي يجعل هناك إقبالاً جيداً على الفعاليات ومشاهدة الأفلام.
يستضيف المهرجان هذا العام المخرج والمنتج الإيراني أصغر فرهادي، هل هناك نية لاستضافة نجوم عالميين في النسخ المقبلة كنوع من الترويج للمهرجان؟
- أصغر فرهادي تواجد وحريص على المشاركة مع الجميع وأجرى نقاشات كثيرة مع المشاركين سواء من الأردنيين أو الضيوف. وهو مهتم بصناع السينما الشباب، والتقيته في مهرجان مراكش قبل عامين وتواصلنا مع مساعدته وقبل دعوة الحضور. مسألة استضافة فنانين عالميين أمر نتمناه بالتأكيد، لكن في الوقت نفسه لابد أن يكون تواجد النجم العالمي يضيف للمهرجان كمحتوى وليس مجرد وجود شرفي. وعلى المستوى الشخصي أتمنى مثلا مشاركة النجمة العالمية كيت بلانشيت.
بعد خمس سنوات في المهرجان، ما هي الصعوبات التي تغلبت عليها وساعدتك في مهمتك؟
- عام بعد الآخر يصبح الموضوع أكثر سهولة لأن الكثير من الأمور اللوجيستية أصبحت واضحة وأصبح لدي الوقت على المستوى الشخصي للاهتمام بالمحتوى بدلاً من الأمور التنظيمية بشكل أكبر. وهنا أقدر استمرار الجهات الداعمة للمهرجان والمستمرة معنا من عام لآخر، وأيضاً فريق العمل الذي أعتبر نفسي محظوظة بالتعاون معهم لأن تفانيهم وشعورهم بأن المهرجان لهم من أهم أسباب نجاحه.