: آخر تحديث

حظر الأونروا.. اغتيال إسرائيلي جديد للإنسانية

4
3
2

في خطوة تصعيدية جديدة، دخل قانون يحظر أنشطة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في إسرائيل حيز التنفيذ يوم الخميس الماضي. وبموجب القانون، تُلغى اتفاقية عام 1967 التي سمحت لـ"أونروا" بالعمل في إسرائيل، ويحظر أيّ اتصال بين المسؤولين الإسرائيليين وموظفيها. ورغم مرور أيام على هذا القرار، لم يشهد الواقع في القدس الشرقية تغيراً ملموساً حتى الآن، إلا أنَّ هذا الهدوء الظاهري يخفي وراءه قلقاً عميقاً يساور السكان المحليين، الذين يخشون من تأثير هذا القرار على الخدمات الأساسية التي يعتمدون عليها، وعلى رأسها قطاعا التعليم والصحة.

منذ تأسيسها عام 1949، تُعتبر الأونروا بمثابة شريان حياة لملايين اللاجئين الفلسطينيين في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، فهي توفر لهم الغذاء والدواء والتعليم والخدمات الأساسية الأخرى، وتسهم في تحسين ظروفهم المعيشية، كما توفر المأوى الخاص بهم والذي يحميهم من الاعتداءات الإسرائيلية سواء جواً أو براً أو بحراً.

وتعد الأونروا من أهم الجهات التي تُقدم خدمات تعليمية للفلسطينيين في القدس الشرقية، حيث تُدير مدارس تُقدم التعليم الأساسي لآلاف الأطفال. ومع حظر أنشطة الوكالة، يخشى الأهالي من فقدان أبنائهم فرصة الحصول على التعليم المناسب، خاصة في ظل غياب بدائل كافية. ولا يقتصر دور الأونروا على التعليم، بل يمتد ليشمل قطاع الصحة، حيث تُقدم خدمات الرعاية الأولية واللقاحات والعلاجات الطبية. ويُعد إيقاف هذه الخدمات تهديداً مباشراً لصحة السكان، الذين يعتمدون عليها بشكل كبير.

ومن الواضح أنَّ قرار حظر الأونروا الذي كانت وراءه إسرائيل بزعم أنها تأوي عناصر حماس وكانت جزءاً من عملية "طوفان الأقصى"، هو تشويه متعمد لسمعة المنظمة، التي قدمت الغالي والنفيس للشعب الفلسطيني على مدار سنوات، وكانت الغوث الوحيد في أيام الحرب والمجاعة. ولكن إسرائيل ترغب في نزع الشرعية عنها في تقديم مساعدات وخدمات التنمية البشرية للاجئين الفلسطينيين، حتى يظل الشعب تحت حصار مطبق، بعد القضاء على الداعم الأخير له، ليظل هذا هو القرار الأكثر تأثيراً في نفوس الفلسطينيين في الفترة الأخيرة. وبينما قدمت الأونروا الدعم والغوث لحوالي 1.7 مليون لاجئ فلسطيني من غزة، تصر إسرائيل على كتابة نهايتها تماماً تمهيداً لتصفيتها وتصفية القضية الفلسطينية معها.

تلك الهجمة السياسية الشرسة على الأونروا، تعتبر بمثابة رغبة ملحة في تجريد الفلسطينيين من أي منقذ لهم، خاصة بعد وقف أنشطتها وإغلاقها لشطب قضية اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة إلى الأرض تماماً، وحرمان اللاجئين الفلسطينيين من حق تقرير المصير ومحو تاريخهم.

إقرأ أيضاً: ضبط النفس سبيلنا إلى المسجد الأقصى في رمضان

وحظر أنشطة هذه الوكالة يعني كسر العمود الفقري لسلاسل الإمداد الغذائي، وكذلك زيادة مأساة الأهالي وتأزم الظروف المعيشية الكارثية، كما أنَّ موظفي الوكالة لن يتمكنوا من العمل بشكل قانوني في غزة في انتهاك واضح وصريح للإنسانية. ويحمل هذا القرار في طياته تداعيات كارثية على حياة الملايين من اللاجئين الذين يعتمدون بشكل كبير على مساعدات الأونروا لتلبية احتياجاتهم الأساسية، كما أنه يهدد بتقويض الاستقرار في المنطقة، حيث يعيش هؤلاء اللاجئون في ظروف صعبة وقاسية.

وفي محاولة لاحتواء تداعيات القانون، أعلنت وزارة القدس عن تخصيص نحو 20 مليون شيكل لإنشاء مركز تعليمي في الحي ليخدم آلاف الأطفال، إضافة إلى 3.5 مليون شيكل لإقامة عيادات طبية لتعويض جزء من الخدمات الصحية التي كانت تُقدمها الأونروا، وتوفير مستلزمات الحياة للأهالي. إلا أنَّ هذه التطمينات الحكومية لم تُبدد مخاوف السكان، الذين يتساءلون عن مدى قدرة هذه المراكز الجديدة على توفير الخدمات بنفس المستوى والجودة التي كانت تُقدمها الوكالة الأممية.

إقرأ أيضاً: جنين مفتاح حل الأزمة الفلسطينية

إنَّ مستقبل الخدمات الأساسية في القدس الشرقية بات على المحك، ويستدعي تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي لضمان حقوق الفلسطينيين في الحصول على التعليم والصحة والخدمات الأساسية للحصول على أبسط مقومات الحياة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف