كيف يكون المسؤول الذي يصف شعبه تارة بالعمالة والخيانة، وتارة بالأراذل والأوباش، وتارة بالذباب؟، هل هو من هذا الشعب، وهل تبقى له شرعيةً أو حقاً بالولاية على شعبه؟.
لا يوجد في إيران ذُباباً بل بشرٌ مُكرمة كرمها الله ونعمها بنعمتي الروح والعقل وجعل لها حق في الوجود الكريم هكذا قالها العلي الحكيم وهكذا نص عليها دين الإسلام المحمدي الحنيف الذي لا يعرفه ولي الفقيه ولا أفاعيه المسلطة على العباد، الشعب الإيراني ليس ذباباً وكذلك المتظاهرين أبناء الشهداء والمعدومين والمسجونين والمنفيين والمفقودين والفقراء والعمال والمعلمين والمتقاعدين، هؤلاء هم المتظاهرين الذين أسماهم أحد أفاعي النظام المدعو كيومرث حيدري قائد القوات البرية في الجيش الإيراني الذي ينتظر إشارة من خامنئي للتدخل وإبادة المتظاهرين ولا عجب في ذلك لأن تلك الأفاعي السامة لا تجيد سوى صناعة الموت والخراب، ونقول إن السفينة كبيرة عليهم وستلفظهم كما تلفظ البطن كل كريه، ورحم الله إمرىء جب الغيبة عن نفسه لكن هؤلاء لم يدرأوا الغيبة عن أنفسهم ولم يقتربوا من رحمة الله بظلمهم وبغيهم.
السفينة كبيرة عامرة متنوعة الوجود عرقا وعقيدة وفكرا ومناخا، وكذلك كبيرة على كل ربان صغير ضحل فما بالك أيها القارىء الكريم إن كان الربان قزما متأزما محدودا ضيق الأفق لا يرتقي إلى مستوى المسؤولية الوطنية والإنسانية والعقائدية، ويعاني من الإفلاس الفكري والسياسي وإنعدام البصيرة ورشد العقل، ولا يليق بإيران إلا رباناً يليق بحجمها وتنوعها مقربا بين أهلها وعادلا.، إلا أن واقع الحال في إيران يقول أن هذه السفينة تخضع لثلة من القوم أقرب إلى المتردية والنطيحة عديمة الرشد والبصيرة سرقت دفة السفينة عام 1979 واستتب لها الأمر بدعم من الغرب الذي يعرف بأن المجتمع الإيراني في غالبيته مجتمعا صوفيا محافظا بطبعه فأستخدم شيخا ليستحوذ على بعض الشعب بخطابه وينثر وعوده الكاذبة هنا وهناك ليستقر في نهاية المطاف بديلا حال دون فراغ كرسي الشاه ونمطية حكمه، وبطبيعة الحال استجابت القوى الوطنية كعادتها في بادىء الأمر من منطق رغبتهم في إرساء حكم وطني ديمقراطي ينسجم ويتماشى مع الجميع، وفجأة تخرج من عباءة الشيخ أفعى أنجبت حرسا وبسيجا وميليشيات وولاية فقيه وتصدير ثورة وإرهاب وإفتراءات وتشويه للدين والحقائق ومقاصل إعدامات ومجازر إبادة جماعية راح ضحيتها عشرات الآلاف وسجون مرعبة واسترضاء ومهادنة هنا وهناك على حساب المال العام، وقد مس شعبه الضر وأصابه وأوجعه العوز ونال منه القهر والهم والغم ووصل الأمر إلى المساس بالأعراض والقتل العنصري والقتل تحت مسمى الإعدام، والتفرقة بين الناس وتسخير مقدرات دولة ثرية لصالح 4% أو أقل من الشعب، وكل ذلك قائمٌ حتى الآن، وتأخذ القوى الوطنية والمقاومة الإيرانية موقفا قاطعا تجاه فصيلة الأفاعي الباغية هذه وتعلن بطلان شرعية نظام قيادة السفينة وكذلك عدم أهلية الربان خاصة بعد أن مسه السفه، وتمضي 43 سنة مريرة مؤلمة على هذا الحال.
وبعد هذه المقدمة المختصرة الموجزة الرحيمة عن واقع الحال كلما خرج الشعب ليقول لا لمنظومة السفينة وللربان السفيه ولينزل الربان وكل طاقم السفينة هاجت وماجت على الشعب الأفاعي وأمطرته بوابل الموت والسموم ونعتته بشتى النعوت ولم تنجو إنتفاضة من الإنتفاضات الوطنية العارمة من إتهامها زورا وبهتانا بالعمالة للخارج وهذا دأب نظام الملالي نظام الأفاعي حيث لم تقتصر هذه الأنواع من التهم على الإنتفاضة فحسب بل على العوائل التي تتزاور فيما بينها لتتباحث بشأن حقوق أبنائها الذين قُتِلُوا غدرا وعدوانا في كل إنتفاضة حيث سُجِن الكثير من أفراد هذه العوائل بتهمة أن لديهم ارتباط بالخارج، وعلى كل سائح أو زائر لإيران تحت سلطة جحيم الملالي أن يحذر فتهمة التجسس لا يوجد أسهل منها ليجعلوا منهم رهائن ومادة للمفاوضات والمساومات وأعتقد أن الغرب الداعم للنظام الإيراني أعلم منا جميعا بذلك.
لم يكن المدعو كيومرث حيدري قائد القوات البرية بالجيش الإيراني أو من صرح بهكذا تصريحات أو بتصريحات مماثلة إذ سبقه إلى ذلك قائد الحرس المدعو سلامي فاختاض مخاض الجبل وفي النهاية ولد فأراً، ويبدو أن أفاعي ولي الفقيه تتسابق فيما بينها لإظهار الولاء ومدى وحجم الحرص على السفينة من الغرق، ولم يغب المدعو أحمد وحيدي وزير داخلية خامنئي عن مشهد الإستعراض هذا إذ صرح تصريحا مهما جدا يقول فيه إن بعض المشاركين في الإحتجاجات تلقوا تدريباً في الخارج ويتم تمويلهم من خارج البلاد والحق يُقال إن سلطة البلهاء هذه لا تملك سوى هذه العبارات التي لا تستغني عنها في مواجهة أي إنتفاضة وتعود وتستخدمها في هذه اللحظة، والغريب في هكذا تصريح هو أنه يناقض إدعاءات النظام وطابوره الخامس الذي يقول إنها إنتفاضة عفوية عابرة وبلا قيادة فكيف يكون ذلك وقد تلقوا تدريبا بالخارج بحسب قول وحيدي، أما الحقيقة هي أن تصريحات وحيدي نفسها تعبر عن مدى صحة المسار الذي تسير فيه الثورة الإيرانية وأن الثورة منظمة وبقيادة عالية وسانده بذلك وزير الخارجية وكذلك إبراهيم رئيسي رئيس جمهورية خامنئي الذي تعهد قبل وقت طويل بإنهاء الإنتفاضة وقد فشلوا جميعا في ذلك رغم ما يمارسونه من قمع دموي وقتلٍ للأطفال والكبار والنساء والرجال على حد سواء وقتل وقمع للمصلين.
لقد فشلت آلة النظام القمعية بعدتها وعددها وعتادها وتنتصر ثورة الشعب الإيراني الأعزل، وسيصعد الشعب الثائر إلى قمرة قيادة سفينة الوطن ليلقي بالربان السفيه وأفاعيه في الجحيم.