تعد ظاهرة العنف ضد النساء ظاهرة عالمية ومن ابرز القضايا التي أثارت ومازالت تُثير اهتمام اغلب المجتمعات فصورة المرأة كضحية للعنف الذي يمارسه عليها الرجل باتت واقعاً تحاول الكثير من منظمات الدفاع عن حقوق المرأة تغيرهُ من خلال سن القوانين التي تحمي المرأة وإطلاق حملات التوعية المؤيدة لحقوقها،، لكن حين تنعكس هذه الصورة يصبح الأمر مختلفاً ومثيراً للجدل!!
فمن الصادم الحديث عن تصاعد حالات العنف ضد الرجال
فلا يصح في في ثقافة المجتمع العربي الاشارة إلى ضعف الرجل في بيته ولا يصح التلميح بأنَّ الزوجة هي الآمرة الناهية في بيت الزوجية لان الرجل العربي معروف بكيانه المستقل ومتميز بسيطرته وهيمنته على الأمور وهذا هو سرُ رجولته التي تربى عليها منذ صغره ففي حالة الاعلان عن تعنيفه من قبل زوجته بالضرب بقضيةٍ في محكمة الاحوال الشخصية المهتمة بامور الأسرة أو إثارة الحادثة عن طريق الاعلام سيعتبر الرجل هذه الحالة إهانة لكرامته فهناك الكثير من الرجال المُعنفين بشتى الطرق لفظياً وجسدياً لكنَّ المجتمع لا يقبل أن تُشاع هكذا أخبار أو يتم تداولها لانها ستجعل الرجل موضع سخرية وإستهزاء رغم وجود العنف فنجد تكتم أغلبية الرجال لما يتعرضون له من إساءة وإهانة من قبل زوجاتهم وذلك حفاظاً على رجولتهم وكبريائهم وكي لا تهتز صورتهم أمام الناس لهذا يفضل الرجل ان يصمت ويكتم ألمه ووجعه حين تعرضه للعنف.
يقع الكثير من الرجال ضحايا للعنف المنزلي وقد يعتبر البعض أن هذه الامور هي مُزحة لكن الدراسات والأرقام التي اعلنتها بعض المنظمات المختصة بحماية الرجال من العنف تؤكد حقيقة الأمور فالمجتمع يصدق أن تتعرض المرأة للضرب على يد زوجها لكنه يرفض أن يتعرض الرجل للضرب على يد زوجته ولا يقبل تصديق هكذا أمر.
حين تتعرض المرأة لاي إجراء عنيف يقع عليها من قبل الرجل فانها لن تتخذ موقف الدفاع عن النفس فقط بل ستكون اكثر عنفاً وتعتدي على الرجل بالضرب أو قد يقع هذا الاعتداء على اطفالها أو تؤذي كبار السن جسدياً سواء اكان الاعتداء على احد من اهلها أو من اهل زوجها فكما يوجد رجل عنيف توجد إمرأة عنيفة يمكنها أن تعتدي على شريكها جسدياً بالضرب المُبرح وباستخدام الآلات الحادة.
العنف ضد الرجل يتخذ عدة أشكال منها:
* العنف الجسدي الذي يكون موجهاً نحو الأذى الجسدي وتتنوع أشكاله كالحرق والخنق والضرب والصفع كلها تسبب تشوهات في الجسم وشعور بالخوف والرهبة.
* العنف اللفظي ويكون باستخدام الفاظ سيئة وشتائم وإستهزاء وسخرية.
* العنف النفسي والذي يتمثل بالتهديد والتخويف وقطع العلاقات التي تؤثر على نفسية الرجل إذا ما لجأت إليها المرأة ففي كثير من الأحيان المرأة المتزوجة تهدد زوجها بعلاقته مع عائلته وأهله واصدقائه وقد تحرمه منهم وتجبره على امور يكون كارهاً لها وبالتالي تظهر النتائج السلبية مؤثرةً على نفسية الرجل فتعرضه لامراض نفسية وعقلية.
إن ضرب الرجل من قبل المرأة ظاهرة نادرة الحدوث فلم نسمع عن منظمات حقوقية تنادي بالحفاظ على حق الرجل من المرأة أو أيةُ إدانة مجتمعية للنساء المعتديات على ازواجهن، لكن تصاعد حالات التعنيف ضد الرجال على يد زوجاتهم دفع البعض منهم إلى اللجوء إلى جمعية مختصة أو منظمة تنادي بحماية حقوق الرجال.
يقول أحد ضحايا العنف من الرجال ان زوجته كانت تهاجمه في منتصف الليل حين يكون نائماً وتلكمه في رأسه ووجهه ولم يكن باستطاعته أن يفعل أي شيء سوى محاولة صدها الأمر الذي أثر على نفسيته ودفعه إلى طلب المساعدة من قبل جمعية مختصة بمساعدة ضحايا العنف.
بالرغم من صعوبة الوقوف على الاعداد الحقيقية للمعنفين من الرجال في عموم المجتمع العراقي بسبب الحرج من تقديم شكاوى حول تعرضهم للتعنيف من قبل زوجاتهم لاعتبارات إجتماعية ولعاداتٍ وتقاليد ما زالت هي السائدة في حكم العلاقات إلا أن حداثة هذه الظاهرة على مجتمعنا تتعلق بالمراكز التخصصية لرصدها والأحصائيات التي تعلن عنها وتكشفها الدراسات التابعة لمنظمات مختصة بها.
لقد أفادت الأحصائيات بوجود تصاعد ملحوظ لهذا النوع من العنف وإن كان جديداً إلا أنه قد ينذر بولادة جيل يؤمن بالعنف ولا يخضع للقانون.
في إحصائية أشار إليها مركز الرشيد للدراسات في مطلع العام الحالي في بيان له أن العراق شهد نحو ٣٥حالة عنف إرتكبتها زوجات ضد أزواجهم ومن بين الحالات ٦رجال لقوا حتفهم بسبب انواع عنف متفرقة منها الحرق والنحر والطعن بالسكين وإن كانت هذه الأحصائية قليلة إلا أنها بالغة الخطورة.
أما ما سجلته المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق من إحصائية في عام ٢٠٢٠ من حالات عنف ضد الرجال والتي بلغت ٤١٢ حالة يقابلها ٣٠٠٦ حالة عنف من الرجال ضد النساء وعليه فأن نسبة العنف ضد الرجال تبلغ ١٣٪ من العنف ضد النساء ومثل هذا العنف قد يؤدي إلى موت الرجل.
في إقليم كردستان ظاهرة العنف ضد الرجال اخذت تنتشر وتتزايد وسط غياب الحلول الكفيلة بالقضاء عليها حيث ان الاقليم يرصد ويسجل تزايداً لحالات العنف ضد الرجال منذ عام ٢٠٠٧ من قبل منظمة خاصة بحماية حقوق الرجال والتي تعمل على إصدار إحصائيات سنوية عن حالات العنف التي يتعرض لها الرجال في الأقليم فمنذ تأسيسها رصدت ٣٣ حالة عنف واخذت الحالات بالتزايد حيت تم تسجيل ٥٣٣ شكوى من رجال تعرضوا للعنف من قبل النساء فيما بلغ عدد الرجال المنتحرين في الأقليم ٩١ رجل بالاضافة إلى مقتل ٨ على يد زوجاتهم وبمساعدة اخرين.
وما بين عامي (٢٠١٤ و٢٠٢٠) بلغ عدد حالات العنف ضد الرجال إلى ٣٧٩٧ حالة تنوعت بين العنف الجسدي والنفسي بالاضافة إلى الطرد والضرب والخيانة الزوجية وفيما يخص حالات الأنتحار فقد بلغت ٥٦٨ حالة و٤٢ حالة قتل للرجال على يد زوجاتهم.
لعل من أهم اسباب العنف هي الأزمات الأقتصادية والتي تلعب دوراً كبيراً في تفاقم حالات العنف فقلة دخل الرجل الذي لا يلبي إحتياجات الزوجة والاطفال وخروج الزوجة للعمل وتفوقها على الرجل على الصعيد المادي والعلمي يجعلها اكثر ثقة وسلطة وعدم فهمها لطبيعة الرجل الذي تعيش معه وإنعدام الأستقرار والاحترام بينهما قد يدفعها إلى إعادة التفكير في مسيرة حياته معه الأمر الذي يولد الحقد والكراهية ضده لان الأضطهاد الذي تعيشه المرأة لسنوات قد يدفعها إلى الأنتقام من الرجل وبالتالي تعنيفه وبشتى الطرق.
كذلك الدور السلبي للاعلام وغياب القانون تأتي من ضمن الأسباب التي ساهمت في زيادة حالات العنف الأسري بشكل عام والعنف ضد الرجل بشكل خاص.
كما تلعب مواقع التواصل الأجتماعي الدور الكبير في تصاعد حالات العنف بين الأزواج وبحسب دراسات وإحصائيات عن حالات العنف ضد الرجال فكثير من النساء وضمن الحياة الروتينية والملل الذي تعيشه مع ازواجهن وسط إنشغالات الحياة الصعبة والمشاكل والأزمات التي تعاني منها الزوجات قد يدفعها إلى إقامة علاقات غير مشروعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وللحد من ظاهرة العنف ضد الرجال ينبغي إقرار قانون مكافحة العنف الأسري والأهتمام بدور رعاية المسنين ودعم منظمات المجتمع المدني المهتمة بالأسرة كذلك التأكيد على دور الأعلام في تثقيف المجتمعات حول كيفية مناهضة هذا النوع من العنف وضرورة التأكيد على ان تكون هناك رؤية مشتركة للحياة بين الزوج والزوجة من أجل إقامة حياة زوجية سعيدة أساسها الاحترام المتبادل بين الطرفين.