: آخر تحديث

أسد الله أسدي ورقة التوت

62
52
57
مواضيع ذات صلة

في يوم 27 من الشهر الجاري وفي أحد المحاکم ببلجيکا، ستجري محاکمة الدبلوماسي الايراني"أسدالله أسدي"المعتقل على خلفية تورطه بالعملية الارهابية التي کانت تستهدف التجمع السنوي للمقاومة الايرانية في باريس عام 2018، وستکون الجلسة مخصصة للإستماع وقد تم تحديد موعد ثان وهو 3 من الشهر القادم في حالة عدم إنتهاء القضية في جلسة يوم السابع والعشرين. 

هذه المحاکمة تتميز ولأول مرة بکون دبلوماسي إيراني بدرجة سکرتير ثالث في السفارة الايرانية في النمسا يقف فيها لتتم محاکمته بتهمة قيادته لعملية إرهابية لو قد قدر الله لها وکانت قد تم تنفيذها کما تم التخطيط لها، فإنها کانت ستتسبب بمجزرة بشرية إن صح التعبير خصوصا وإن عشرات الالاف کانوا يتواجدون في مکان التجمع بقاعة فليبنات بباريس وکان کاتب السطور من بينهم، لکن التنسيق والتعاون الذي جرى بين المخابرات الالمانية والبلجيکة بصورة خاص، قد حال دون ذلك وتم إعتقال أسدي ومنفذي العملية وهما رجل وإمرأة إيرانيين.

هذه المحاکمة تشکل خطورة غير مسبوقة على النظام الايراني لأنها تمتلك أدلة بإمکانها أن تحدد علاقة واضحة بين قائد العملية الارهابية من جانب وبين مرٶسيه في طهران، والذي يلفت النظر أکثر إن السفير الايراني السابق في ألمانيا، علي ماجدي، وخلال لقاء صحفي مفصل أجرته معه وکالة"إيسنا"الايرانية بخصوص إعتقال أسدي، قال بأن إن لدى الأوروبيين وثائق لا يمكننا إنكارها. وانتقد سياسة النظام في هذا الصدد. ونتيجة لذلك، رفعت مخابرات قوات الحرس الثوري دعوى قضائية ضده، وضد مدير وكالة أنباء الطلبة ايسنا، والصحفي الذي أجرى مقابلة معه. بل وإن الاکثر إثارة وحساسية من ذلك، هو ماقد ودر في محضر الشرطة البلجيکية أثناء لقاء تم معه بناءا على طلب أسدي في مارس آذار الماضي حيث أکد بأنه"هناك جماعات مسلحة في العراق ولبنان واليمن وسوريا وإيران، سوف تراقب مجريات المحاكمة، وهي لن تستكين إذا جاء الحكم ضده، بل ستكون لها ردات فعل ميدانية ترتد سلبا على استقرار بلجيكا وأمنها."، ولذلك فإن عين النظام الايراني ستکون مصوبة لهذه المحاکمة وماقد يتمخض عنها ولاسيما إن طهران قد بذلت أقصى مافي وسعها وطاقتها ونفس الشئ بالنسبة للوبياتها ووسطائها في البلدان الاوربية وبشکل خاص في النمسا ولکن لم يجد کل ذلك نفعا ولم يتحقق لها ماکان قد تحقق مع العمليات الارهابية السابقة التي قامت بها المخابرات الايرانية في النمسا وبرلين وجنيف وروما وإستهدفت رموزا من المعارضة الايرانية.

أکثر مايزعج النظام الايراني ويزيد من حالة القلق والتوتر لديهم من جراء هذه المحاکمة، إنها تأتي متطابقة تماما لما قد دأبت زعيمة المعارضة الايرانية، مريم رجوي من التأکيد عليه من إن هذا النظام يعتبر بمثابة بٶرة التطرف والارهاب وإنه المرکز والمصرف العالمي لها وإن سفاراته تعتبر أوکارا للنشاطات الارهابية والتجسسية، کما إن الذي يضاعف من قلق النظام وحتى خوفه إن هذه المحاکمة تأتي في ظل ظرف حساس ودقيق يمر به حيث إنه ومن جهة يواجه أوضاعا داخلية صعبة لايحسد عليها خصوصا وإن الشعب الايراني في ذروة سخطه وغضبه وتحامله على النظام ولاسيما وإنه قد بادر الى إقامة إجراءات وإحتياطات أمنية غير مسبوقة داخل المدن من أجل مواجهة أية تحرکات شعبية محتملة ضده، ومن جهة ثانية فإن النظام الايراني الذي يتابع وبقلق بالغ مايجري في واشنطن ويتمنى بأن يحظى بإلتفاتة عطف من جانب الادارة الامريکية الجديدة، فإن نتائج هذه المحکمة فيما لو کانت في غير صالح النظام في حال إدانة أسدي وشرکائه وهو الاحتمال الاکثر توقعا أن يحدث، فإن ذلك سينعکس على الداخل والخارج الايراني سلبا وقد تساهم في أن تتفاقم الامور والاوضاع على الصعيدين بصورة أسوأ بکثير من السابق وحتى يمکن القول بأن نتائج هذه المحاکمة فيما لو کانت کما يجري التوقع لها من جانب المتابعين، فإن من شأنها أن تفتح المزيد من الابواب على النظام في الوقت الذي يبذل کل مابوسعه من أجل غلق بعض الابواب الاخرى قبل أن يتربع بايدن في البيت الابيض من أجل أن يقوم ب"أوبمته" إن صح التعبير، ولکن الذي يبدو واضحا لحد الان هو إن بايدن وإدارته لن يتجاهل نتائج هذه المحاکمة وسيقوم بتوظيفها لصالح الضغوط التي سيمارسها على ملالي طهران وينتزع منهم المزيد من التنازلات کما يرى معظم المتابعين للشأن الايراني من هذه الزاوية، ومن هنا، فإن قضية أسدالله أسدي کما يبدو لن تمر بردا وسلاما على النظام الايراني بل وحتى إنها لخطورتها وحساسيتها البالغة قد ترقى الى مستوى ورقة التوت للنظام!
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي