خالد بن حمد المالك
لم يكن متوقعاً أن يُعلن عن ميزانية للدولة دون عجز مع انخفاض أسعار النفط، وعدم تصدير وبيع المملكة لكامل طاقتها وقدرتها من الإنتاج، لكن العجز ظل في حدوده المعقولة، والميزانية ظهرت بأرقام مشجعة لاستمرار تنفيذ المشروعات التي سبق الإعلان عنها، متناغمة مع رؤية المملكة 2030 بما يجعل مسيرة المملكة تتجه وفقاً لما رُسم لها.
* *
فقد بلغ العجز 165.400 مليار ريال في ميزانية قدرت إيراداتها بـ1.147.400 مليار ريال، والنفقات بـ1.312.800 مليار ريال، والأهم أن ميزانية العام 2026م تعكس التزام الحكومة بوضع مصلحة المواطن في صدارة أولوياتها، كما صرح بذلك ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان.
* *
ومع هذه الميزانية، فقد وجه سموه خلال رئاسته لمجلس الوزراء جميع الوزراء والمسؤولين -كل فيما يخصه- بالالتزام الفاعل في تنفيذ ما تضمنته الميزانية من برامج ومشاريع تنموية واجتماعية، تسهم في تحقيق مستهدفات الرؤية، ووضع المواطنين وخدمتهم في صدارة أولوياتها.
* *
ولا يغيب عن الذهن أن ما تحقق من إنجازات كبيرة، إنما تحقق بفضل الله، ثم بفضل توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وبجهود أبناء وبنات المملكة، موضحاً سمو ولي العهد أن رؤية المملكة 2030 تدخل الآن مرحلتها الثالثة، وهو ما يدعو إلى مضاعفة الجهد في التنفيذ، وتسريع وتيرة الإنجاز، وزيادة فرص النمو لتحقيق الأثر المستدام.
* *
يقول الأمير محمد، إن ما حققته المملكة من تحول هيكلي مع انطلاق الرؤية ساهم في تحسين معدلات نمو الأنشطة غير النفطية، والاستمرار في احتواء التضخم عند مستويات أدنى من نظرائها في دول العالم، ليكون القطاع الخاص شريكاً فاعلاً في التنمية، مع المحافظة على دعم النمو الاقتصادي، ومع المحافظة على الاستدامة المالية، في مواجهة التقلبات والتحديات العالمية.
* *
وضمن ما تحدث به سموه عن الميزانية أن الحكومة حريصة على استمرار زخم التنمية المستدامة، ضمن سياسات مالية واقتصادية واجتماعية مرنة ومنضبطة، تستند على تخطيط طويل المدى، باتجاه ترسيخ مكانة المملكة لتكون مركزاً اقتصادياً واستثمارياً عالمياً.
* *
ومع الإعلان عن الميزانية، تم الإفصاح عن أن أعداد العاملين السعوديين في القطاع الخاص ارتفعت إلى أعلى مستوياتها بما مقداره 2.5 مليون مشتغل، وأن التقديرات الأولية تشير إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 4.6 % مدفوعاً بنمو الأنشطة غير النفطية، وتمكين المرأة السعودية وتعزيز مشاركتها في مختلف المجالات.
* *
ولن يؤثر العجز في الميزانية على استمرار دعم برامج منظومة الدعم، والإعانات الاجتماعية، وتوجيهها للفئات الأكثر حاجة، وكذلك الاستمرار في تحقيق التوازن في القطاع العقاري، بهدف تسهيل تملُّك السعوديين لمساكن بأسعار معقولة، بسبب القرارات الأخيرة المنظمة لحركة بيع وشراء وتأجير العقارات.
* *
إن ظهور الميزانية بهذا العجز المعقول، مقارنة بحجم الإيرادات، وضخامة المصروفات، وتراجع أسعار النفط، يضع المملكة في موقع يسمح لها بمواصلة مستهدفات رؤية المملكة 2030 بنفس الكفاءة والمقدرة، خاصة وأن كثيراً من برامج وخطط الرؤية قد تجاوزت المستهدفات بمعدلات عالية، بما يجعلنا في اطمئنان على أن المسيرة سوف تستمر بنفس وتيرة السرعة، وحجم ما سوف يتم تحقيقه من إنجازات.

