جمال الكشكي
حجر جديد في نهر المسألة الفلسطينية، الدهاء أن تكسب ثم تواصل التفاوض، الإقامة في الجدل وانتظار نتائج مغايرة تشبه الإقامة في نظام الإيجار السياسي المؤقت، لا يجب ترحيل المستقبل بأختام صراع الروايات واختراع السرديات.
القرار جاء بناء على مبادرة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، التي قدمها في نهاية سبتمبر الماضي في 20 نقطة، ونصت على إيقاف الحرب على قطاع غزة، وسرى هذا الإيقاف في التاسع من أكتوبر، وبعدها عقد مؤتمر شرم الشيخ للسلام في الثالث عشر من الشهر ذاته، بحضور ما يزيد على ثلاثين زعيماً عالمياً. منذ هذا التوقيت اتخذت أزمة الحرب مساراً مختلفاً.
بالطبع، فإن القوة الدولية المؤقتة صارت ذات طابع دولي.كما أشارت الدول العربية والإسلامية والأوروبية إلى ضرورة تضمين نص القرار هذا الأمر الذي كان غائباً عن المبادرة الأمريكية المقترحة.
وبالطبع كان هذا مطلباً فلسطينياً وعربياً وعالمياً، وهو أن يتم إصلاح القيادة الفلسطينية، وتمكينها من إدارة الوضع في غزة والضفة والقدس الشرقية دون انفصال أو انفصام، لذا رحبت السلطة الفلسطينية بالقرار، كونه يؤكد بصورة أو بأخرى أحقية الفلسطينيين في دولتهم المستقلة.
ضمن هذه المخاوف أن يتم تأكيد رؤية ترامب التي قدمها عام 2020، التي ترى أن المسألة الفلسطينية تخضع لما يسمى السلام الاقتصادي، والتعاون بين إسرائيل ودول المنطقة، بعيداً عن الوصول إلى حل نهائي لهذه القضية المزمنة، وبذلك يصبح الجمر تحت الرماد، لكن هذه التخوفات يراها البعض عرضاً لا بد منه، نتيجة ما جرى من إبادة للشعب الفلسطيني على مدى عامين.
إيقاف الحرب في حد ذاته كان مطلباً إنسانياً ودولياً، وبالتالي فإن المخاوف مشروعة، لكن لا بد من ترشيدها والتعامل معها بحكمة سياسية عميقة، وقوة استراتيجية تنظر إلى تقدير الأمور وفق حسابات نظام عالمي جديد يتشكل، ستكون القضية الفلسطينية حاضرة وبقوة في القلب من ملامحه.
رحب العالم بالقرار الأممي 2803 أملاً في وضع حد لاستنزاف السياسة الدولية في صراع مزمن يستغله الجميع داخل المنطقة وخارجها، بينما يسفك الدم الفلسطيني دون هوادة.
الفلسطيني سيجد طريقه حتماً وسط الأهوال، وقد عاينها وعاشها على مدى قرن، ولم يذهب بعيداً، فاستطاع أن يجعل القضية مشتعلة دائماً تحت الرماد العالمي، وهنا لا بد من استثمار أي قرارات والاستفادة من المزايا، شريطة أن تتوافر الإرادة الفلسطينية في المقام الأول.

