> في مطلع هذا العام صدر كتابان عن السينما من دار نشر واحدة. أحدهما من تأليف ناقد مخضرم والثاني من تأليف كاتب جديد. الحجم نفسه تقريباً. الوجهة والغاية هي ذاتها، إذ تنشد الحديث عن السينما والأفلام والمساهمة في نشر ثقافة الفيلم.
> لكن بمجرد قراءة فقرات من الفصول الأولى يتبيّن الفارق الكبير بين الكتابين. واحد مكتوب بخبرة الناقد وتجربته الطويلة في ميدان الكتابة السينمائية والنقدية، والثاني وليد آراء ومواقف عامّة ينقصها العمق والدراية.
> في واقع الأمور، أي كتابة نقدية لا تقدم محتوى عميقاً من الدلالات والتحليلات تبقى ناقصة مثل بناء لم يكتمل. تتحول إلى عمل تنقصه الشمولية والمقارنة حتى وإن كان الموضوع الماثل يتعلّق بوضع أو بموضوع راهن.
> هناك اتجاه يخلط بين تشجيع وجود كتّاب ونقاد جدد على حساب كتّاب ونقاد قدامى. تشجيع الكتاب الجدد مبدأ جيّد، لكن جودته مقرونة بالخبرة التي يستطيع الناقد الجديد اكتسابها من الاهتمام بتجارب السينما السابقة وبأفلامها الرائعة، وحتى وإن لم يستخدم هذا الاهتمام في وضع الكتاب الذي يؤمه.
> ما يحدث هو إسناد مهمّة الكتابة لمن يرغب ما دام ملماً بسينما وأفلام اليوم أو قادراً - لغوياً - على ترجمة مؤلّف أجنبي.
> الخبرة هي سبيل المعرفة وعتاد الثقافة، وليس الكتابة في سياق منفصل فيما يشبه الملاحظات وحدها. الحال في ذلك يصبح مثل ترجمة كتاب ثري بالمعلومات، لكن المترجم لم يُشاهد ولم يتعرّف على تلك المعلومات بل نقلها كما هي.

