: آخر تحديث

المشاعر الافتراضية

3
3
3

سهوب بغدادي

في عالمنا الذي يتسم بالسرعة والصرعات المتوالية في شتى المجالات، وانكشاف الداخل للخارج وصنع الواجهة الخارجية وتفصيلها على حسب الطلب، يبرز لنا السؤال المهم، ألا وهو هل تشعر تمامًا كما تنشر على صفحات في مواقع التواصل الاجتماعي؟

أم أنها مجرد واجهة، ومحاولة مستميتة لعكس صورة إيجابية عنك؟ ابتداءً من الإنجازات المتناثرة على مواقع التوظيف المهنية، وصولًا إلى الصور المفلترة والأنشطة والأماكن الخلابة على التطبيقات المعنية، وما بينهما الكثير من المجاملات الاجتماعية لعكس فكرة تخفي نقيضها في بواطن قلبك، بالتأكيد، لقد مر بك يوم وأنت تشعر عكس ما تبدو عليه في تلك الصورة أو العبارة المنشورة، وأنا معكم في تلك الزلة.

إن السعادة على سبيل المثال لا الحصر، لم تعد داخلية، بل أصبحت متمثلةً في صورة مرحة، أو فنجان قهوة أو سفرة.

فما الذي يأتي بذلك الشعور الذي يدفعك لتعريف محيطك صغر أم كبر بما تفعل؟ إن المجتمع يُكافئ من يبدو سعيدًا، ليس من يكون حقًا سعيدًا، فهناك ضغط أن تكون سعيداً وناجحاً وأنيقاً وغنياً وما إلى ذلك من المعايير المعاصرة التي تضعك ضمن خانة إنسان جدير بالمتابعة والإعجاب تباعًا.

المشاعر أضحت منتجًا استهلاكيًا وتم قولبتها على شكل كتب، ودورات تطوير الذات، وتطبيقات وتمارين، إذ تحولت المشاعر إلى صناعة وتجارة مجزية.

كما تستفيد مختلف الشركات من شعورك الدائم بأنك غير سعيد بشكل كافٍ، أو غير جميل كفاية، أو رشيق.. إلخ.

فكل شيء أصبح قابلًا للقياس بضغطة زر أو دونها، فقط عليك ارتداء ساعة أو اصطحاب الجهاز معك لحساب تحركاتك وخطواتك ونومك، بل دقات قلبك، التي قد يطلع عليها العالم وتكون بعدها عرضةً للتقييم والانتقاد والتوجيه، إن المشاعر الإنسانية ليست نجاحًا يقاس، أو إنجازًا يُحتفى به، إنها مجرد لحظة هادئة، وإحساس بالخفة، وابتسامة من خلف الشاشة قد تنعكس عليها ولا يراها سواك، والأهم أن تكون جملة المشاعر وأسبابها مغلفة بالرضا بما قسم الله العدل لك.

«إذا جعلتَ سعادتك في تصفيق الآخرين، فالآخرون يغيِّرون آراءهم كل يوم». - مصطفى محمود.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد