: آخر تحديث

الوظائف ترف والعمل «مالوش لازمة» عند ماسك!

1
1
1

البطالة من العمل، هي من مصادر الهم والغم وكل علل النفوس. هذا عند النفوس السوية، حتى لو كان غير ذي فاقة وحاجة ضرورية للمال، فإن جلوسه متبطلاً متعطلاً، هو سبب مباشر لاستجلاب الضيق وحرق الأعصاب وتفشي الأمراض في النفس.

ألم يقل حكماء العوام عن هذا الصنف من الناس: «أكل ومرعى وقلة صنعة»؟!

هذا كله ونحن نتحدث عن المتعطل المتبطل، بطراً وترفاً وتفاهة، فكيف بالعاطل عن العمل الذي ينحت الصخر بحثاً عن قوته وقوت عياله؟! تصبح القصة أدهى وأمرّ.

مؤخراً قرأت تعليقاً لقطب العالم الرقمي الجديد ورجل الفضاء العجيب إيلون ماسك، قال فيه إن العمل لن يكون ضرورة للبشر خلال 10 إلى 20 عاماً، بل سيصبح «خياراً» مثل ممارسة الرياضة أو الهوايات، في ظل قدرة الروبوتات الذكية على تنفيذ معظم المهام الإنتاجية والخدمية بكفاءة أعلى وبتكلفة أقل.

ليس هذا وحسب، بل قال إن هذا التحول سيقود إلى تراجع كبير في أهمية المال التقليدي، مؤكداً أن العملات قد تفقد جزءاً كبيراً من قيمتها ودورها مع تغيّر شكل الاقتصاد العالمي وارتفاع الإنتاجية الآلية.

هذا التبشير بحلول الآلة، مهما تلطف اسمها، محل الإنسان، هل يعني نهاية الإنسان العامل؟!

الإنسان الذي يسعى في الأرض، وربما في السماء مع ماسك، لكسب رزقه؟!

طيب... إذا كان العمل سيكون مجرد «هواية» مثل الجري في الحديقة، كما يقول ماسك، فمن أين سيأتي المال اللازم للحياة؟!

وما معنى أن المال «التقليدي» سيفقد أهميته؟! ما مصدر الإنفاق لتسيير حياة الناس إذاً؟!

نرجع للعالم الواقعي الذي نعرف، قال فلاديمير دروبنجاك، نائب رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، في اجتماع سابق بشأن العمالة: «لا تزال البطالة والعمالة الناقصة من الأولويات المهمة للكثير من البلدان... وضمان فرص العمل الكافية وتوفير العمل اللائق للجميع هو واحد من أكثر التحديات إلحاحاً التي تواجهها الدول اليوم».

هؤلاء المئات من ملايين البشر الذين يريد منهم ماسك التفرغ للجري في الحدائق، إن وجدوا الصحة الجسدية والنفسية لذلك، إلى أين سيذهبون بعد سيطرة آلات ماسك؟!

في تراثنا العربي، مقولة تنسب للصحابي أبي ذر، وقيل للخليفة علي بن أبي طالب، وهي: «عجبت لمن لم يجد قوت يومه، كيف لا يخرج شاهراً سيفه؟». وصحح بعض الباحثين المقولة إلى: «إِنِّي لَأَتَعَجَّبُ مِمَّنْ لَهُ عِيَالٌ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ، كَيْفَ لَا يَخْرُجُ عَلَى النَّاسِ بالسَّيْفِ؟».

والمقولة هي لأحد رموز علماء السلف في العصر العباسي المبكر، وهو سفيان الثوري، كما حكاه بعض الرواة.

قد يقول قائل: هوِّن عليك، فحين خرجت مكائن المصانع في الثورة الصناعية قيل ذلك عن العمال البشريين، لكن وُجدت وظائف أخرى، وهكذا سيكون مع زمن الروبوت.

لكن هل هذا هو رأي الخارج عن الصندوق إيلون ماسك؟!

راجعوا كلامه جيداً... أعلاه فقط.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد