عبدالعزيز الكندري
قرأتُ مختصر دراسة عن تأثير المقاطع القصيرة في برامج التواصل الاجتماعي على دماغ الإنسان حيث حلّلت أكثر من 70 بحثاً عن تأثيرها على الدماغ والصحة النفسية، وبيّنت أن المقاطع لها تأثير على التركيز خاصة من المحتويات السريعة بسبب أن العقل يتعود على المكافآت لأنها تتكرر المقاطع بشكل مستمر، والدماغ يضعف من كثرة التحفيز، ولهذا تجد نفسك تقضي ساعات طويلة على برامج التواصل الاجتماعي من غير توقف، مع ضعف في الذاكرة تسبّبه هذه البرامج.
لذلك، حتى نواجه المحتوى السريع القصير في السوشال ميديا نحتاج أن نبطئ الحياة ونتوقف عن الجري السريع فيها، ونحاول أن نترك هذه البرامج لصالح قراءة الكتب، وقد تكون القراءة صعبة في البداية خاصة على مَنْ تعوّد على المعلومات في المحتوى السريع خلال ثوان معدودة، لذلك، لابد من اكتساب عادات جديدة تسهّل علينا عملية القراءة.
ومن أفضل الكتب التي ترشد الإنسان لكي يتعلم عادات جديدة كتاب «العادات الذرية» للمؤلف جيمس كلير، ويقدم كلير في كتابه فكرة أساسية تقول إن التحسينات الصغيرة والمتكررة يمكن أن تؤدي إلى نتائج عظيمة على المدى الطويل. بدل التركيز على تغييرات كبيرة ومفاجئة، يشجّع الكتاب على بناء عادات صغيرة، سهلة، ومتدرجة، حيث إن 1 بالمئة تحسين يومي يمكن أن يغير حياتك بالكامل، فالتغييرات الصغيرة تتراكم مع الزمن بشكل هائل.
ويذكر القوانين الأربعة لبناء العادات الجيدة وهي اجعلها واضحة، مثل صمّم بيئتك بحيث تذكرك بالعادة بسهولة، وضع كتابك على الوسادة لتتذكر قراءة صفحة قبل النوم، والأمر الثاني اجعلها جذابة واربط العادة بشيء تحبه، مثال استمع لبودكاستك المفضل أثناء المشي، والأمر الثالث اجعلها سهلة حيث تبدأ بخطوات صغيرة جداً، والأمر الأخير اجعلها مشبعة وأضف مكافأة بسيطة بعد العادة.
الكتاب يقدم طريقة عملية جداً لتطوير الذات عبر خطوات صغيرة لكنها مستمرة، ويثبت أن التغيير الحقيقي لا يأتي من قرارات كبيرة، بل من تحسينات صغيرة تتراكم يوماً بعد يوم.
ومن الكتب المميزة التي تساعد على العيش بطريقة سوية بعيداً عن رتم الحياة السريع كتاب: «العادات السبع لأكثر الناس فعالية»، ويعتبر مؤلف الكتاب د.ستيفن كوفي، متخصصاً في علم النفس، وهو من أبرز المدربين والمؤلفين الذين تحدثوا في تطوير الذات، وتمت تسميته من قبل مجلة «تايمز» الأميركية ضمن أكثر 25 أميركياً مؤثراً في أميركا.
وبما أن معرض الكتاب فتح أبوابه وهو ملتقى ثقافي سنوي يجمع دور النشر والمؤلفين والقرّاء والمهتمين بالثقافة في مكان واحد لعرض الكتب، ولا تقتصر أهمية هذه المعارض على بيع الكتب وتسويقها، بل تمتد لتشمل تطوير الذائقة القرائية، وتقديم أنشطة وفعاليات متنوعة تثري التجربة الثقافية، وهذه فرصة لزيارة المعرض وشراء الكتب واصطحاب الأبناء وتحبيبهم بالقراءة وتعويدهم على التقليل من المحتوى السريع الذي تقدمه وسائل التواصل الاجتماعي.
وهذه رسالة لأبنائنا من د. غازي القصيبي في كتابه «سيرة شعرية» حيث يقول: لقد كنت منذ سن التاسعة وحتى اليوم قارئاً مدمناً، إن جاز التعبير، ولا أعتقد أن أسبوعاً واحداً قد مرّ بي منذ أن أجدت القراءة ولم أنته فيه من قراءة كتابين أو ثلاثة. إنني لا أذكر هذا الإدمان على سبيل المباهاة ولكن كحقيقة لابد لي فيها من الطبيعي والحالة هذه، أن تكون قراءاتي قد غطت حقولاً واسعة ومتنوعة. لقد قرأت الكتب الأدبية التقليدية من «البيان والتبيين» إلى «العقد الفريد» إلى «الأغاني»، وقرأت بتوسع في التاريخ والرواية والقصة والسيرة، بالإضافة إلى ما تطلبته الدراسة الأكاديمية من قراءات واسعة في القانون والعلوم السياسية والاقتصاد وعدد آخر من العلوم الاجتماعية.

