: آخر تحديث

إيران على صفيح ساخن والتهديد الحقيقي بالثورة

1
1
1

تجلس إيران اليوم على صفيح ساخن، إذ يعيش المجتمع الإيراني حالة من الغليان الانفجاري، تتجسد في الانهيار الاقتصادي المتفاقم وتآكل السيطرة الاجتماعية. وفي مواجهة هذا الواقع، يضاعف النظام الإيراني جهوده لاحتواء الأوضاع ومنع اندلاع انتفاضة حتمية. ولتحقيق ذلك، لجأ النظام إلى تصعيد غير مسبوق في موجة الإعدامات، التي باتت تُعلن عنها يومياً، في محاولة يائسة لبث الخوف وإخماد جذوة المقاومة. وفي خضم هذه الحملة القمعية، يواجه عدد كبير من أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية ووحدات المقاومة أحكاماً بالإعدام، في تأكيد واضح على أن المقاومة المنظمة هي التهديد الوجودي الأكبر للنظام الثيوقراطي.

على الصعيد الدولي، انطلقت منظمة مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI) في حملة دبلوماسية وسياسية واسعة النطاق، بدأت من الساحات الأوروبية لتصل إلى ذروتها في الولايات المتحدة الأميركية. وقد شهدت واشنطن مؤخراً استعراض قوة كبيراً للمعارضة الإيرانية، تجسد في مؤتمر "إيران الحرة 2025"، الذي جمع نخبة من الشخصيات الدولية والخبراء وأبناء الجالية الإيرانية لرسم خارطة طريق واضحة نحو التغيير الديمقراطي.

تجمع وطني متعدد الأجيال
شهدت واشنطن العاصمة في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 2025، انعقاد مؤتمر «إيران الحرة 2025»، الذي شكّل تجمعاً وطنياً متعدد الأجيال حول موضوع موحد حاسم: «الطريق إلى جمهورية ديمقراطية مزدهرة في إيران، خارطة طريق لإنهاء الثيوقراطية، وخطة للمستقبل».

جمع هذا الحدث البارز أكثر من ألف عالم وناشط وقائد مجتمعي إيراني من جميع أنحاء الولايات المتحدة، إضافة إلى عشرات من ضحايا النظام وناشطين قدّموا شهادات مباشرة عن حقيقة الانتفاضات الأخيرة. انعقد المؤتمر في توقيت حرج، يتقاطع فيه تدهور الأزمات الداخلية للنظام الإيراني مع التحديات الإقليمية والدولية. وقد ركّز جدول أعمال المؤتمر على آفاق تغيير النظام والانتقال إلى جمهورية ديمقراطية علمانية وغير نووية في إيران، مؤكداً وحدة الرؤية بين المعارضة الداخلية والدعم الخارجي لهذه القضية.

النظام في مرحلته النهائية
ألقت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، كلمة رئيسية قوية أعلنت فيها أن النظام قد دخل «المرحلة الأخيرة من شتائه». وقالت إن قاعدة حكم الملالي قد تآكلت، وهو يقف اليوم «ضعيفاً، منهكاً، وعاجزاً من كل جانب».

أشارت رجوي إلى «الحالة المتفجرة للمجتمع الإيراني»، مستشهدة بحادثة أحمد بلدي، الشاب الأهوازي الذي أضرم النار في نفسه بشكل مأساوي، ووصفت احتجاجات العمال والمعلمين والممرضين والمتقاعدين بأنها «نهر جارف يتجه حتمًا نحو إسقاط نظام الملالي».

وفي سياق خارجي، أدانت رجوي بصرامة سياسة التهدئة الغربية، التي أكدت أنها أغلقت الطريق أمام التغيير الديمقراطي. وأعادت التأكيد على الخيار الثالث، وهو: إسقاط النظام على يد الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة، رافضةً بشكل قاطع أي تدخل عسكري أجنبي.

كما عرضت رجوي رؤيتها لإيران ما بعد الثيوقراطية، مؤكدة أن برنامجها لـ «إيران الغد» ليس مجرد كلمات، بل هو ترجمة للتضحيات التي قدّمها الشعب، مشددةً على مستقبل خالٍ من التعذيب والإعدام، ويسود فيه السلام والتعايش السلمي بدلاً من الحرب. كما أكدت أن البرنامج النووي المشؤوم سيُستبدل ببرنامج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الديمقراطية، داعيةً إلى قيام بلد يقوم على جمهورية ديمقراطية وانتخابات حرة، وفصل الدين عن الدولة، والمساواة الكاملة للمرأة، والاستقلال الذاتي للقوميات. وشدّدت على الهدف الأساسي للمقاومة: «نحن لا نحارب للاستيلاء على السلطة. هدفنا إعادة السيادة إلى شعب إيران».

شرعية المقاومة الداخلية
شهد المؤتمر قطاعاً دولياً رفيع المستوى، تضمن كلمات من شخصيات بارزة عبّرت عن إجماع على ضرورة تغيير السياسة تجاه طهران.

أكد وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو أن النظام الإيراني «ضعيف» و«معزول دولياً»، و«يفتقر إلى شرعية شعبية صفرية»، وأن برنامجه النووي «تقلّص بشكل هائل». وأشار إلى أن سقوط النظام مؤكد وسوف يُفرض عبر «المقاومة الداخلية». رفض بومبيو بقوة رواية «أنه لا بديل»، وحدد المجلس الوطني للمقاومة كبديل قابل للحياة و«مستعد تماماً لليوم الذي سنحصل فيه على فرصة التقدم»، مشيداً به لعدم طلبه تدخلاً عسكرياً أجنبياً. واختتم كلمته بإدانة «المساومة كفشل» والدعوة إلى «إعادة فرض العقوبات»، مؤكداً أن المقاومة المنظمة داخل إيران هي المحرك الحقيقي للتغيير.

من جانبه، وصف رئيس مجلس العموم البريطاني السابق جون بيركو النظام الإيراني بأنه «دولة فاشلة» و«مقالة طويلة في البربرية»، وأن قادته «لا يمكن تحسينهم. يجب إزالتهم». وشدّد بيركو على أن «البديل الأصيل والشرعي» هو مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة، التي تكمن شرعيتها في «التواجد على الأرض، عدم الهروب، تنظيم المقاومة، الاستمرار... وقبول حتمية التضحية دورياً». ووجّه بيركو نقداً لاذعاً ومباشراً لابن الشاه، رضا بهلوي، قائلاً: «البديل ليس، ليس، ليس ابن شاه بعضه. لا مجال»، ووصفه بأنه «شخص عاش حياة رفاهية» وهرب بفضيحة، مؤكداً أن الشرعية تأتي من النضال الميداني والتضحية، وليس من المنفى أو الوراثة.

كما أكد عضو الكونغرس الأميركي السابق باتريك كينيدي على ضرورة سياسة أميركية حازمة ودعم المعارضة الديمقراطية كبديل وحيد، رافضاً أي شكل من أشكال التهدئة.

عمق الأزمة وقوة البديل
سبقت الكلمات الرئيسية أربع جلسات نقاش كشفت عن عمق الأزمة وجاهزية المقاومة:

الجلسة الأولى («مجتمع ناضج للتغيير»): ركزت على الانهيار الاقتصادي، مشيرة إلى سيطرة الحرس الثوري على 60 بالمئة من الاقتصاد وفقر 80 بالمئة من السكان، وخلصت إلى وجود حالة عصيان دائمة.

الجلسة الثانية («المرأة الإيرانية وإرث المقاومة»): أبرزت الدور الحاسم للمرأة كقوة دافعة للثورة ورفضها للإكراه في الحجاب والدين.

الجلسة الثالثة («قوة الشباب في دفع التغيير»): سلّطت الضوء على جيل زد ووحدات المقاومة كـ «محرك للثورة».

الجلسة الرابعة («قلب إيران في ثورة»): قدمت شهادات مباشرة من سجناء سياسيين حول صمود الشعب في مواجهة وحشية النظام.

خاتمة
أكد مؤتمر «إيران الحرة 2025» أن التغيير في إيران ليس مجرد أمنية بل هو مسار حتمي تقوده المقاومة المنظمة من الداخل، ممثلة في مجاهدي خلق ووحدات المقاومة. في ظل تصاعد القمع والإعدامات، يمثل هذا المؤتمر خارطة طريق نحو جمهورية ديمقراطية علمانية في إيران، مؤكداً أن القوى الدولية يجب أن تتخلى عن سياسة التهدئة وأن تدعم بشكل فعال النضال المشروع للشعب الإيراني لاستعادة سيادته.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.