: آخر تحديث

الجار المبادِر يتفقد الجارة المتوعِكة

4
3
3

ها هو الجار الذي باتت أحوال لبنان مختزَنة في وجدانه ويغتنم المناسبات التي يعبِّر فيها عن حِرْص المملكة الحادبة على أحوال لبنان ماضياً ودائما وحاضراً، يتفقد الجارة التي ظروف أحوالها على درجة من الصعوبة تماشياً مع ظروف المنابر الصحفية التي يعمل فيها الصحافيون، وبلغت هذه الظروف درجة التقليص في كل شيء بدءاً بعدد الصفحات وصولاً إلى الإلتزامات المالية تجاه العاملين في رحاب صاحبة الجلالة السُلطة الرابعة.

الجار صاحب المبادرة الطِّيبة هو سفير المملكة العربية السعودية الدكتور وليد بخاري الذي بعد بضعة أيام من قيامه بزيارة الجار الشيعي في مقر المجلس الأعلى الذي إختاره الإمام موسى الصدر في الحازمية لتأكيد الحرص على المكوِّن الطوائفي اللبناني، أدرج في أجندة حراكه الإيجابي عموماً تفقُّد الجارة (نقابة محرري الصحف اللبنانية) التي مقرها المتواضع في تلة الحازمية على مسافة أمتار من المركز الشيعي والتي كما المركز تبعد مسافة عشرات الأمتار عن مقر سكن السفير السعودي (ضاحية اليرزة) الذي شهد وما زال لقاءات وإجتماعات مع سياسيين عرب وأجانب وشخصيات في المجتمع المدني، يتمحور الهدف منها تأكيد حِرْص المملكة على لبنان عندما يكون التخاطب من جانب أطيافه ضِمْن أصول مفردات لغة الضاد.

كان مشهد السفير بخاري يتوسط نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف قصيفي وأعضاء النقابة موضع إعتزاز العاملين والعاملات في الصحف اللبنانية، والذي لا بد كانت مبادرات النقيب المتمثلة في زيارات دَرَج على القيام بها إلى الرئاسات الثلاث وإلى المرجعيات الروحية والقيادات العسكرية والأمنية، تقليداً أضفى أهمية على الدور المبتكَر تؤديه النقابة. وكانت للمرجعيات التي زارها مجلس نقابة المحررين تصريحات تندرج في جوانب مهمة ضِمْن خطوات يتم إتخاذها.

أضفى السفير بخاري على زيارته إهتماماً معنوياً لنقابة مثقلة بالمتاعب وإنحسار عوائد الجهد الصحافي، وتمثَّل الإهتمام ﺒ "إشادة بدور النقابة الوطني والصحافي وروح المسؤولية التي تتحلى بها" وهي إشادة تستوجب شمْلها ضِمن حِرص المملكة على لبنان، خصوصاً بعدما تبدد الحذر نسبياً في الوضع اللبناني ليحل محله بالتدرج ما مِن شأنه إنقاذ الأحوال الاقتصادية في الوطن الذي تشعر المملكة وحتى مِن بعد الإتفاق التاريخي (إتفاق الطائف) بأنه في صدارة إهتماماتها. لعل قرار المملكة إتخاذ خطوات قريبة لإعادة فتْح أسواقها أمام المنتجات اللبنانية يشكِّل نقلة نوعية في إستقرار العلاقات بين المملكة ولبنان وهو ما تعثََّر في مرحلة سابقة بفعل مواقف إتسمت بها عبارات في تصريحات لم تأخذ في الإعتبار مصلحة لبنان المستقر والذي في ثبات إستقراره يتحقق الإزدهار. وهنا أيضاً يستوقفنا كلام قاله السفير لمجلس نقابة المحررين الذي رحب خير ترحيب بالجار الزائر وفي بادرة غير مسبوقة في مراحل النقابة. ومما قاله:

"إن لبنان هو بلد رسالة وليس قليلاً أن تكون أول زيارة للبابا لاون الرابع عشر (وهو أميركي) للخارج، إلى لبنان المقبل على خير كبير وإن ما يهم المملكة إستقرار لبنان وإزدهاره وتدعم سيادته ومصلحته العليا في إطار دولة القانون والمؤسسات، وستشهد الأيام المقبلة ما يؤكد نتائج الدعم...".

 

ولكي لا يبدو الكلام حصراً بالإقتصاد ونوايا الدعم فإن السفير تناول المسألة التي إنشغال البال في شأنها كبير وهي الحل المتوازن للصراع العربي – الإسرائيلي قائلاً في هذا الشأن  "إن المملكة مع حل الدولتين (التي ثابر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على تضمينها أجندة محادثاته مع قادة دول العالم وفي المؤتمرات العربية – الإسلامية التي تستضيفها المملكة وتلك التي تشارك فيها وأحدثها قمة شرم الشيخ، والمحادثات التاريخية لولي العهد في البيت الأبيض للمرة الأولى منذ سبع سنوات مع الرئيس دونالد ترمب (يوم الثلاثاء 18 تشرين الثاني 2025).  وتشاء الصدف أن مجلس النقابة زار في اليوم التالي (الجمعة 14. 11. 2025) رئيس مجلس النواب فكانت الزيارة خير مناسبة لكي يسمع زواره كلاماً في ضوء ما قاله لهم السفير بخاري حول الحرص السعودي على لبنان فجاء كلام الرئيس بري لهم بالكلمات المحِبة الآتية: "لبنان هو بلد كل العرب، ويدنا دائماً كانت ولا تزال لكل الأشقاء العرب. وعلاقتي مع المملكة العربية السعودية لم تنقطع في يوم من الأيام ولا خوف من فتنة داخلية على الإطلاق...". وبهذه العبارة يعزز ما سبق أن سمعه السفير بخاري من الشيخ علي الخطيب خلال زيارة السفير له.

ذات يوم عندما سيدوِّن الدكتور وليد بخاري تجربته في لبنان في كتاب برسم الأجيال على نحو ما بادر حديثاً سلَفه الدكتور علي عسيري الذي أفادنا الكثير بما أورده في كتابه الصادر حديثاً وبعنوان "السعودية وباكستان. علاقات في عالم متغير" فإن الكثير مِن الذي لا يعرفه المواطن اللبناني عن خفايا نوايا المسؤولين، سيمْكنه الإحاطة بها من خلال ما المفترَض والمتوقع من الدكتور السفير وليد بخاري أن يطلعنا عليه. وهذا الكثير الذي نشير إليه أورده الدكتور علي عسيري عن باكستان التي أمضى فيها ثماني سنوات عصيبة، وأما سنوات السفير بخاري في لبنان الذي تشبه الصراعات فيه مثيلتها في باكستان، فإنها غنية إلى درجة أنها تستحق التدوين ذات يوم في كتاب.

ويبقى القول إن زيارة الجار السفير الدكتور وليد بخاري إلى الجارة المتوعِّكة، التي تعاني، كانت في جانب منها تفقدية وليست بروتوكولية، ذلك أنه من المحلِّقين في دنيا الثقافة والحرص على زيادة المعرفة إلى جانب الواجب الدبلوماسي الذي إتسمت سنواته اللبنانية حتى الآن بالكثير من المبادرات الموسومة بالرقي ومنها هذه الزيارة لمقر نقابة محرري الصحافة اللبنانية، وكانت تكراراً زيارة مَن يمثِّل المملكة المقتدِرة إلى أحد رموز ممثلي الكلمة التي تتمنى المملكة أن تكون دائماً تتسم بالتفهم وحُسْن التخاطب. ومثْل هذا النهج يخفف بالتدرج من حالة التوعُّك. والله المعين.

السفير بخاري يتفقد نقابة المحررين في لبنان ويشيد بدورها الوطني والإعلامي
السفير بخاري يتفقد نقابة المحررين في لبنان ويشيد بدورها الوطني والإعلامي


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.