خالد بن حمد المالك
بدأت أمس زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة الأمريكية، زيارة وصفت بالاستثنائية، وغير العادية، وزيارة دولة وليست زيارة الرجل الثاني في ترتيب سلم السلطات في بلاده، بما لم يسبق أن كان التعامل بهذا المستوى كما هو مع محمد بن سلمان.
* *
الاستقبال المهيب الذي أعده الرئيس ترمب لضيف أمريكا الكبير الأمير محمد بن سلمان، لم يكن استقبالاً روتينياً، بل تجاوز كل المقاييس ليكون استثنائياً، ما عكس عمق العلاقات الاستراتيجية والتقدير الشخصي الكبير الذي يوليه الرئيس ترمب لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ليتجاوز هذا الاستقبال البروتوكول المُعتاد، بما يؤكد أن الأمير محمد بن سلمان ليس مجرد ضيف، بل شريك استراتيجي أساسي وقائد شاب يمثل «قوة المستقبل» التي تعتمد عليها الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة.
* *
تصريحات الرئيس الأمريكي، والمسؤولين الأمريكيين، وما نشرته وتحدثت به وسائل الإعلام الأمريكية والدولية، وقد نُسب ما قيل عن أهمية الزيارة، ووصفها بأنها تاريخية، بسبب مكانة المملكة الاقتصادية والسياسية والدينية، وتأثيرها باستخدام علاقاتها الدولية لصالح خدمة الاستقرار في العالم.
* *
الحديث هنا في واشنطن يتركز على الزيارة، فوسائل الإعلام انشغلت بزيارة سموه، تُحللها، وتتسابق في نشر الأخبار عنها، ويكتب المحلِّلون قراءاتهم لها، بينما انشغل البيت الأبيض بالترتيب لها، ووضع ما يليق بمكانة ضيف أمريكا من حسن الاستقبال، وكرم الضيافة.
* *
الاتفاقيات التي تم وسيتم إبرامها، تلبي احتياجات المملكة، وتتوافق مع ما ينسجم والعلاقات العسكرية والاستثمارية والاقتصادية والأمنية والسياسية، بما يعمِّق العلاقات، ويزيد من سرعة التوصل إلى ما تم من توافق بينهما، والتحضير لما هو على قائمة الانتظار، وكما جاء على لسان سمو ولي العهد بعد اجتماعه بالرئيس ترمب بأن التعاون مع أمريكا يستحدث فرصاً حقيقية في الذكاء الاصطناعي، والاتفاقيات الجديدة تشمل أيضا التقنية والمواد الخام والمعادن المتقدمة، إضافة إلى الاستثمار في مجالات الحوسبة والرقائق وأشباه الموصلات.
* *
ولن يقتصر النشاط التفاعلي في العلاقات بين الرياض وواشنطن على ما سيتم الوصول إليه من اتفاقيات تلامس كل احتياجات المملكة، فالقطاع الخاص له دوره في استكمال تنشيط هذه العلاقات ودعمها، من خلال مخرجات مؤتمر الاستثمار السعودي الأمريكي الذي سيحضره الرئيس والأمير، ورجال المال والأعمال والشركات في كلتا الدولتين، ويشمل مجموعة من الاستثمارات في مجالات صناعية وتجارية عدة.
* *
ومع الزيارة الأميرية ظهرت الأجواء في واشنطن، وكأنها أمام فرصة تاريخية لعلاقات استثنائية مع الرياض، وبين ترمب ومحمد بن سلمان، بما لا مثيل لهذه الأجواء في أي زيارة لمن زار أمريكا من قادة العالم في عهد الرئيس ترمب الثانية لأمريكا، وهذا مؤشر على حرص الدولتين على بناء أوسع العلاقات، بتأثير من الماضي، وما كانت عليه العلاقات بينهما، وفي الحاضر، حيث الحماس والرغبة والاهتمام من رئيس أمريكا وولي عهد المملكة العربية السعودية.
* *
وليس من المبالغة في شيء حين تصنف الزيارة على أنها بهذه الأهمية، أو نقول عنها كل ما قلناه، أو نتحدث عنها بهذا المستوى من الاهتمام، فنحن لم نكتب عنها بأكثر مما قاله عنها رئيس أمريكا، بل إننا لم نكتب عنها بمثل ما تحدث عنها الرئيس ترمب، أو بما نشرته وتحدثت به وسائل الإعلام، فالزيارة تتحدث عن قيمة كبيرة، ونتائج مهمة، وضيف كبير.
* *
وإلى أن يستكمل سموه زيارته، ويُعلن عن نتائجها كاملة، فلا بد من التأكيد على أن العلاقات السعودية - الأمريكية دخلت مع بدء زيارة سموه مرحلة جديدة غير مسبوقة، معتمدة على ما مرت به من محطات ناجحة، ومن أعمال مهمة، ومن تعامل موثوق، ومن تاريخ تميز بالصدق والالتزام، وكلها كانت لصالح الدولتين.

