جميل جدا أن يركز المسؤولون في وزارتي الصحة والتعليم على أمر حماية الممارس الصحي والمعلم من الاعتداء أو الإهانة، ويتناولون ذلك في تصريحاتهم وتنبيهاتهم، ولكن من المهم أيضا أن يرافق ذلك التركيز وبذات القوة تنبيه وتصريح على أن للمرضى وأقاربهم وللطلاب والطالبات وأولياء أمورهم حقوق يجب على الممارسين الصحيين ومستشفياتهم والمعلمين والمعلمات ومدارسهم احترامها وحمايتهم من أي اعتداء أو إهانة أو تقصير، فلا يشغلنا أمر حماية الطبيب عن حماية المريض، ولا أمر حماية المعلم عن حماية الطالب، فكأني -وحسبما يردني من شكاوى ككاتب رأي- ألمس أن أمر التركيز على حماية الممارس والمعلم أنساهما أن للمرضى وأقاربهم وللطلاب وأولياء أمورهم حقوقا أيضا يكفلها النظام أكثر من أي وقت مضى.
عندما يصفع معلم في مدرسة خاصة طالبا في المرحلة الابتدائية لا يتجاوز عمره 11 سنة فإن هذا الطفل أهين وكسر أمام أقرانه، ولم يرد أن يبكي أمامهم فطلب أن يذهب لدورة المياه ليبكي بعيدا عن أعينهم فيقوم المعلم بشده من أذنه وإخراجه من الفصل ليستلمه المشرف ويذهب به لدورة مياه بعيدة عن الفصل لأن دورة المياه القريبة بها عطل ويتركه هناك يبكي ولا يعرف طريق العودة إلا بمساعدة عمال الصيانة! ثم يعود للمنزل مكسورا مذهولا كارها للمدرسة والمعلم وربما للمجتمع! فهل هذا المعلم يستحق الحماية؟! وهل تلك المدرسة الخاصة تستحق ما تتقاضاه من رسوم؛ بل من ثقة أولياء أمور الطلاب؟!
إن علينا أن نعترف -شئنا أم أبينا- أن أغلب المدارس الأهلية والخاصة تعج بمتعاقدين أجانب ربما بعضهم يعاني من أحقاد، وعلينا عدم الاعتماد على ملاك المدارس في حماية الطلاب (خاصة الأطفال)، وألا نعتمد كأولياء أمور على الشكوى للمدرسة نفسها فهي تبقى خصما ولا تصلح حكما، بدليل أن المعلم الأجنبي القاسي الذي عاقب الطفل تم نقله لقسم آخر فيه بدلات أكثر فقط لذر الرماد في العيون.
وعندما تدخل مريضة لمستشفى أهلي تشكو ألما في البطن تصادف مع حالة رشح أو التهاب فيروسي فيتم إرباكها بعدة تشخيصات مختلفة تصلها من الممرضات وليس الطبيب الاستشاري، ثم تتوالى عليها الفحوصات الإشعاعية والصبغات المتكررة وتقنع بإجراء جراحة إزالة المرارة وتحدث معها مضاعفات وماء في الرئة يزداد دون أن تحصل على فرصة مع طبيبها الاستشاري لتعرف ما هي حالتها وما تشخيصها وما الذي حدث لها وهل هو مضاعفة أم خطأ؟! وتدخل في دوامة الشك أن كل ما أجري لها من فحوصات وأشعة وعمليات كان بهدف استغلال التأمين، فإن الأمر يستوجب التفكير في حمايتها وحقوقها.
وإن علينا أن نعترف أن بعض المستشفيات الأهلية والخاصة تستخدم أطباء حكوميين غير متفرغين يعملون في عدة مستشفيات (مخالفين) وتغري بهم المرضى في دعايات وإعلانات، ثم لا يجد المريض ذلك الاستشاري بعد الدفع كما وجده قبل الدفع، وهنا لا يصلح أن تترك الشكوى للخصم ليصبح حكما، ومثلما أن للممارس الصحي حماية فإن للمريض حماية ويجب تكثيف التوعية بحقوق وحماية المريض مثلما يحدث مع حقوق وحماية الممارس.
ما لم يتم التركيز والتوعية بحماية الطلاب (خاصة الأطفال) وحماية المرضى ونشر سبل وقنوات التبليغ والتفاعل معها بنفس التركيز على حماية الممارس الصحي والمعلم، فإن المريض أو قريبه أو الطالب أو ولي أمره قد يرتكب مع المعلم أو الممارس ما يجعله عرضة لعقوبة كان يفترض أن تكون له لا عليه.. والله أعلم وأحكم.

