: آخر تحديث

الربا... الحرام والحلال... إعادة فهم!

3
3
3

حمد الحمد

قبل أسبوعين كنتُ في مسجد أحضر خطبة الجمعة، وكان حديث الخطيب عن الربا ومضاره .

أنا كتبتُ عن هذا الموضوع منذ سنوات وبينتُ أن النظرة لمعنى الربا وربطه بالتحريم التام غير واقعية، لأن كلمة الربا تعني الزيادة، فهل كل زيادة في المال حرام، طبعاً لا وهذا اعتماداً على قول الرسول في خطبة حجة الوداع (وأول ربا أضعه هو ربا عباس بن عبدالمطلب فإنه موضوع) موضوع بمعنى ملغي، السؤال كم نسبة ربا العباس؟... غير معروفة. وكلمة الربا تعني الزيادة أو النماء.

وأضرب مثلا آخر، لو دخلت متجراً في لندن، وفي الرف هناك علبة بيرة، أو كما يطلق عليها الفنان الكبير سعد الفرج، في إحدى المسرحيات (مشروب الشعير)، وفي الرف بيرة بكحول وأخرى بدون كحول، لهذا كمسلم يفترض تأخذ البيرة بدون كحول، وكذلك هو الربا هنا ربا بمعنى نمو، وهناك ربا حرام كربا العباس.

نعود لوضع المال والأعمال في الكويت قبل ظهور البنوك، كان الناس تحفظ أموالها في البيوت، أو لدى بعض التجار حتى عودتهم مثلا من سفر، والتاجر يسجل المبالغ في دفاتره، لكن هل كان هناك ربا، نعم كان هناك وبشكل محدود حيث يقال البعض يقدم المال لشخص على أن يرجع بنسبة 20 % أو أكثر، وكان بطريقة ملتوية يعرفها مَنْ عاش في ذلك الزمان (سالفة خيشة العيش وخيشة الشكر).

عندما يقول الشيخ إن ربا البنوك حرام فهو يتحدث من فهم محدد، ولا يتوازن مع الوضع الحالي في عالم المال والأعمال، لهذا المفهوم القديم للربا أو الزيادة يحتاج إلى إعادة فهم، وحتى أبيّن ذلك أطرح سالفة (زيد وعبيد) ولنفترض ان زيداً قد ورث مبلغاً من المال يعادل 200 ألف دينار، وهو ليس له تجارب تجارية، هنا وضع المال في وديعة سنوية ببنك بربح محدد مثلاً 4 %، هنا البنك لا يأخذ أمواله ويضعها في خزانه ويقول هذه أموال زيد، إنما يأخذ هذا المال ويدفعه إلى عميل آخر اسمه عبيد، الذي يبني مصنعاً أو مبنى ويريد هذا المبلغ لإكمال مشروعه، هنا زيد كان له مشاركة بماله في بناء المصنع او المبنى، إذا يفترض له ربح والطرفان متوافقان وكل عميل لا يعرف الآخر، وإدارة العملية من قبل البنك الذي له ربح أيضاً كمصاريف لموظفيه.

إذاً، ما حدث هو تمويل واستثمار، وليس عملاً مضراً لأي طرف، بل فيه إعمار ونماء للبلد طالما هو تحت إشراف ورقابة جهاز أعلى وهو البنك المركزي بقوانينه وضوابطه والذي يمثل الدولة.

قد يقول قائل إن تحديد نسبة ربح هذا يعني أن البنك لا يخسر، وهذا غير صحيح لأن هناك تمويلاً وفي نهايته ديون معدومة عند خسارة تاجر ما والبنك يخسر كذلك، وإذا كان والحمدلله لا إفلاس عندنا لبنوك، هذا كونها تحت ضمان الدولة، لكن في دول أخرى بنوك تفلس بين يوم وليلة كونها غير محمية.

إذاً، ما الحرام في ما حصل لا ضرر، بل فيه نماء للبلد حيث كل طرف يموّل الآخر وتقام مشاريع ومشاريع كبرى ودوران مسموح للأموال، لكن لو كنز كل شخص أمواله في بيته؟ هنا هو الحرام، والمال لو كنزته تتناقص قيمته مع الوقت إن لم يستثمر.

لكن الربا الحرام الذي يتحدث عنه الشيخ في المسجد هو مفهوم الربا الانتهازي قبل ظهور البنوك والبنوك المركزية، حيث شخص يداين شخصاً بنسبة هو يقرّرها لحاجة المدين، هنا يكون التعامل فردياً وفيه استغلال وظلم وتلاعب كما ذكرنا، بل فيه مخاطرة كونه تعاملاً شخصياً بحتاً.

ما نعنيه أن الفهم لنماء الاموال في البنوك مغلوط... وهذا إعادة فهم من جانبي ليس إلّا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد