: آخر تحديث

هل بدأت إسرائيل رسم خريطة المنطقة؟!

1
2
2

عماد الدين حسين

في 27 سبتمبر من العام الماضي، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن بلاده سوف تبدأ في إعادة رسم خريطة منطقة الشرق الأوسط على أسس جديدة. في هذا اليوم كانت المقاتلات الإسرائيلية قد تمكنت من اغتيال حسن نصر الله، ومجموعة كبيرة من قادة الصف الأول في حزب الله، وقبلها بعشرة بأيام، كانت قد نفذت عملية البيجر الشهيرة، التي قتلت وأصابت الآلاف من عناصر وكوادر الحزب، وقبلها بأسابيع قليلة، كانت قد تمكنت من اغتيال إسماعيل هنية، زعيم حركة حماس، خلال وجوده في طهران، وكذلك العديد من قادة حركة حماس، خصوصاً يحيى السنوار، ومحمد الضيف.

نتنياهو أطلق تصريحه بإعادة رسم خريطة المنطقة، بناء على أن جيشه قادر على الوصول لأي مكان في هذه المنطقة. مرت الأيام، وتمكن الجيش الإسرائيلي، ليس فقط من ضرب العديد من الأذرع المؤيدة للحركات الفلسطينية، ولكن وجّه ضربة قوية لإيران في 13 يونيو الماضي، ثم انضمت إليه الولايات المتحدة في استهداف المنشآت النووية الموجودة تحت الأرض، والتي لا يمكن الوصول إليها إلا بالقنابل الخارقة للتحصينات، والتي لا تمتلكها إلا أمريكا.

ونعلم أن إسرائيل ساهمت في إسقاط نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، ثم واصلت عملية استهداف كافة الإمكانات العسكرية السورية، بل احتلت المزيد من الأراضي السورية، ونسفت اتفاقية فض الاشتباك مع سوريا الموقعة منذ عام 1974، كما أنها لم تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، الموقّع في نوفمبر الماضي، وتواصل استهداف كوادر وقواعد حزب الله بصورة شبه يومية.

قد يرى بعض المحللين أن كل ما سبق يدخل في دائرة محاربة إسرائيل للتنظيمات والدول المعادية لها فقط، لكن ما حدث الثلاثاء الماضي، حينما هاجمت مقاتلات الجيش الإسرائيلي مقر إقامة حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، فاق كل التوقعات، لأن قطر تعتبر الوسيط الرئيس مع مصر، التي تحاول الوصول لوقف إطلاق النار، وتستقبل كبار المسؤولين الإسرائيليين، منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر.

اللافت للنظر، أن إسرائيل لم تحاول حتى الاعتذار لقطر على هذا العدوان الغادر، بل إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خرج بعدها بيوم واحد، وقال ما معناه إن قادة حماس إذا كانوا قد نجوا من هذه العملية، فلن ينجوا في المرات القادمة.

هذا الكلام الخطير، يعني أن إسرائيل ستواصل استهداف كل من يختلف معها، بغض النظر عن اسم الدولة الموجود فيها، سواء كانت قطر أو تركيا، أو أي دولة أخرى. فحوى التصريح الإسرائيلي الأخير، والذي تكرر على لسان العديد من المسؤولين الإسرائيليين، يشير بوضوح لا لبس فيه، أن تل أبيب عازمة على تنفيذ رؤيتها لكل المنطقة بعيون إسرائيلية فقط. الأخطر من كل ما سبق، هو التصريح الذي أدلى به نتنياهو قبل أسابيع قليلة، وقال إنه متعاطف وملتزم بخريطة إسرائيل الكبرى، وبالتالي، فهذا التصريح لم يكن مجرد كلمات لإرضاء التيار المتطرف في إسرائيل، بقدر ما كان يتم تنفيذه على الأرض فعلياً، من خلال الاستهدافات المباشرة للعديد من دول المنطقة، من أول فلسطين، نهاية بقطر، مروراً بسوريا ولبنان وإيران واليمن.

أظن أن العدوان على قطر كانت له أهداف كثيرة، منها نسف فكرة المفاوضات السياسية، وإبعاد كل من مصر وقطر عن هذه المفاوضات، بحيث يكون التفاوض على أسس أمنية، وليست سياسية. نتانياهو أعلن وكرر بوضوح طوال الفترة الماضية، أن شروطه لوقف الحرب، هي نزع السلاح في غزة بكاملها، وخروج حماس من المشهد السياسي، والسيطرة الأمنية الإسرائيلية على القطاع، وتنصيب حكومة أو إدارة تؤمن بالتعايش السلمي مع إسرائيل. السؤال الذي يشغل كثيرين هو: هل تستطيع إسرائيل فعلاً إعادة رسم خريطة المنطقة، أم أن ذلك مجرد أوهام وتمنيات؟. القمة العربية التي ستعقد غداً في الدوحة، يفترض أن تقدم إجابة واضحة عن هذا السؤال.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد