لولا الجدية والصرامة اللتان أصبحتا تبديهما، أخيراً، جهات عدة، نتيجة التعامل الحازم للنائب الأول، وزير الداخلية، مع المخالفات، وملاحقة مرتكبيها وإدانتهم، لما كنا رأينا تحرك جهات رقابية عدة، ومنها هيئة الغذاء، التي تطلب من المستهلك مراجعة موقعها على الإنترنت، وتعبئة نموذج سخيف للإبلاغ عن أي مخالفة غذائية، على الرغم مما تتطلب مثل هذه البلاغات من سرية وخصوصية، وسهولة في التعامل!
قمت قبل سنوات، بلفت نظر مديرة في هيئة الغذاء لغرابة تسميتها، فتعللت بأنها صدرت بقانون، لا يمكن تغييره. كما بينت لها أن مواد غذائية، ضرورية ومهمة يتم إتلافها، مع انتهاء «تاريخ صلاحيتها»، الذي لا يتجاوز السنتين، وفق اتفاقية خليجية، وعدم صحة ذلك الإجراء، علمياً وصحياً، فهناك مواد كثيرة تمتد صلاحيتها لأكثر من سنتين، مثل العسل والسكر والملح والأرز الأبيض، ومع هذا تتلفها الشركات، خوفاً من المخالفة. علماً بأن تحديد الصلاحية بسنتين يرتبط أساساً بـ«الجودة»، وليس بسلامة المنتج، غذائياً. فقد يتغير الطعم أو لون المادة الغذائية، بعد ثلاث أو أربع سنوات، لكنه يبقى صالحاً وآمناً، إن كان مخزناً بشكل غير صحيح، وهذا ينطبق على منتجات مثل العسل والملح والسكر: فمدة الصلاحية التنظيمية تتعلق بإدارة لوجستيات السوق أكثر من كونها تتعلق بالتلف الفعلي، فالعسل مثلاً يمكن أن يبقى صالحاً للأكل إلى أجل غير مسمى، إذا حُفظ في وعاء محكم الإغلاق بعيداً عن الرطوبة والملوثات، فقد وُجد في مقابر المصريين القدماء وبقي صالحاً حتى بعد آلاف السنين. كما أن الملح لا تنتهي صلاحية إذا حُفظ جافاً وغير ملوث. كما يبقى السكر، بأنواعه، صالحاً لسنوات، إلا إذا تعرض للرطوبة. كما يبقى الأرز الأبيض، المحفوظ في ظروف باردة وجافة، صالحًا لمدة تمتد من 25 إلى 30 عاماً، أما الأسمر فصلاحيته أقصر بكثير. وهذا ما على إدارة هيئة الغذاء السعي لتعديله، مع الجهات الخليجية، لوقف إتلاف مئات آلاف أطنان الأطعمة سنوياً بسبب هذا الخلل. علما بأن بغير التخزين الصحيح، فإن مواد كثيرة تتلف قبل السنتين، إن لم يتم تخزينها بطريقة صحيحة، مثل تركها في الشاليه، طوال أشهر الصيف الحارة.
* * *
يتبع الاتحاد الأوروبي سياسات صارمة في ما يتعلق بصلاحية البيض، حيث يفرض وضع تاريخ الصلاحية، ووضع علامات وأرقام تحدد مصدر البيض، سواء كان مزرعة حرة، أو أقفاص ضيقة، لا تغادرها. مع بيان نوعية ما يتناوله الدجاج من غذاء. ولا شك أن هيئة الغذاء تعلم بالترميز الأوروبي، ومن مهامها تطبيقها في الكويت، وهذا تقاعس غير مقبول منها، علماً بأن دولاً عدة خارج الاتحاد تتبعها، فتطبيقها يضمن عدم خلط البيض أو وضع علامات خاطئة عليه، وتعزز سلامته الغذائية، وتمكن الجهات الرقابية من تتبع مصدره حال وقوع أي مشكلة.
كما تجاوزت دول مثل النمسا وألمانيا وسويسرا قانون الاتحاد الأوروبي، وحظرت جميع أشكال تربية الدجاج البياض في أقفاص؛ لذا لا يتوافر بيضها في أسواقها.
أحمد الصراف