: آخر تحديث

«وعد ماكرون» و«وعد بلفور»

3
3
3

محمد خلفان الصوافي

اعتبر نفسي واحداً من الذين يؤمنون بفكرة قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.. فهناك تجارب أثبتت صحة القاعدة التاريخية التي تقول لا يضيع حق وراءه مطالب، مع وجود حسن تقدير الموقف من خلال إدراك قادة فلسطين أن اللحظة باتت مواتية للحصول على الحق المنتظر.

قد لا يتحقق وعد ماكرون مباشرة وخاصة أن هناك بعض الدول تستخدم الاعتراف كأسلوب تهديد وليس قراراً سياسياً، ولكن الرمزية التي يحملها هذا الوعد لصالح الحق الفلسطيني مهم جداً وهو أن الدعم الدولي غير المشروط لإسرائيل انتهى.

هذا الوعد الفرنسي الجميل والذي لاقى تفاعلاً كبيراً من المجتمع الدولي ذكرنا بوعد وزير الخارجية البريطاني المشؤوم وعد بلفور في مايو 1917 بإعلان منح إسرائيل وطناً قومياً في فلسطين وتسبب هذا الوعد في حدوث أكبر كوارث إنسانية ما زال العالم يعاني من تداعياتها رغم كل المحاولات الدولية لإيجاد نهاية لها.

في تقديري جميع البشر يملكون منظاراً يراقبون من خلاله سير أحداث العالم، ومنذ أكتوبر 2023 ومأساة شعب غزة التي ولدت من قرار غير مسؤول لقادة حماس والمؤشرات تبين أن ما تفعله حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من سياسة التجويع والقتل الممنهج سيؤدي بدول العالم لأن تتخذ قرارات مختلفة عن النمط المعتاد، وربما قرار الاعتراف لدولة بحجم فرنسا سيكون له تأثير على العديد من دول العالم.

فهم السياق الإقليمي والدولي هو ما يفرق بين نجاح موقف سياسي ما وبين خسارة موقف آخر، وربما تغير موقف الزعيم الكردي، عبدالله أوجلان، الذي يعتبر من الذين كانوا يؤمنون بقيام الدولة الكردية من خلال حمل السلاح ومطالبته مؤخراً لرفاقه من قادة حزب العمال الكردستاني في الشهر الماضي بإلقاء السلاح وطي صفحة القتال عبر عن فهمه لهذا السياق الإقليمي والدولي وأن لكل زمن سلاحه المناسب، هذا ما كان ينقص قادة فلسطين خلال مسيرة الكفاح.

في السياسة يُقال إن نجاح حدث معين أو فشله مرتبط بالسياق الإقليمي والدولي وقراءة طبيعة السياق تعتمد على تفسير وإدراك صانع القرار في كل دولة. لا يتشكل قرار سياسي في النظام الدولي من فراغ بل هناك أكثر من حدث يتفاعل مع بعض وفي أكثر من مكان في وقت واحد.

السبب الثاني: يتعلق بسعي بنيامين نتنياهو بتوسعة الحرب دون الالتفات إلى السياق الإقليمي والدولي، ففي الوقت الذي تسعى فيه جميع دول العالم إلى إيقاف الحرب في المنطقة يسير نتنياهو عكس التيار يعمل من خلاله على توسعة الحرب لتشمل دولاً أخرى ما يهدد الاستقرار والأمن الدوليين.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد