ليس بيني وبين الأخ الفاضل وزير الاسكان، وزير البلدية، الأستاذ عبداللطيف المشاري (أبو حامد)، سابق معرفة، بخلاف مكالمتيّ هاتف، لكن لم أسمع عنه إلا كل جميل، ولم ألقَ منه إلا كل ما يسرّ، من تعاون ودماثة خلق، وأدب جم.
من واقع منصبيه الوزاريين، ومسؤوليته التاريخية، اتوجه له بمقالي هذا راجيا منه السعي لتحقيق ما سيرد به من مقترحات طال انتظار الكثيرين لها، بعد أن طال الإهمال مختلف مناطق العاصمة، التي أصبحت بلا روح ولا هوية، وقد تكون المدينة الأجمل في بعض زواياها، لكنها أيضا الأكثر بشاعة في زوايا أخرى، بالرغم من أنها كانت ولا تزال الأسهل في تشكيل معالمها، مقارنة ببيروت أو القاهرة، التي من شبه المستحيل تقريبا، تغيير الكثير فيها، للأفضل!
***
تنفرد عاصمتنا بكونها الوحيدة في العالم التي لا يقطن، ربما، مواطن واحد فيها، بعد هدم مجمعات الصوابر السكنية، المحاولة اليتيمة، والبائسة لإعادة جعل العاصمة مكانا لسكن مواطني الدولة، وإن بشكل محدود!
منذ نصف قرن، وربما أكثر، والكل يشاهد، ويتأسف لاستمرار وجود ساحات ترابية في مختلف مناطق العاصمة، بشعة المنظر سيئة الاستغلال، بعد أن «استملكت» الدولة، ما كان عليها من مبان، وتركتها للزمن، ولا يبدو أن هذا الزمن سيأتي قريبا.. بنفسه! فما الحكمة من ترك ملايين الأمتار من الأراضي الفضاء دون استغلال، ولا تشجير، ولا حتى جعلها مواقف سيارات لائقة يمكن أن تدر الكثير على موازنة الدولة، إلى أن يحين وقت تنفيذ شيء ما عليها، أو تلزيمها، بأي نظام بناء، للقطاع الخاص ليقيم عليها مشاريع جيدة يمكن أن تساهم في إعادة الناس، خاصة في الفترة المسائية، لعاصمة الدولة، كما حصل مع مشروع «مول العاصمة»، اليتيم، والمباركية الجميل!
كما يتطلب الأمر البت في مصير القرية التراثية، التي مرت عقود على هياكلها الخرسانية المشوهة لأجمل بقعة على شارع الخليج، وبالقرب من أهم مؤسسات الدولة، مع هدم البيوت الخربة والمهجورة الملاصقة تقريبا لأجمل المباني، والتي لا يعرف أحد سبب بقائها بأشكالها المتهالكة، بعد أن تحولت لمرتع للقوارض والحيوانات السائبة، ومجمع للقمامة.
كما تفتقر كل مباني العاصمة، دون استثناء، لنظام الترقيم، علما بأن كل مبنى في العاصمة وخارجها يحمل رقما، وكل ما يتطلبه الأمر هو نقل الأرقام من خرائط البلدية لواجهات المباني، من خلال لوحات مميزة ذات شكل ولون جميل وملفت، يحمل رقم المبنى، لسهولة الاستدلال عليه. علما بأن عشرات الشركات الكبيرة على اتم الاستعداد لمشاركة البلدية في حملة إعادة الرونق الجميل لصحارى العاصمة وجعلها، بأقل جهد، نظيفة على الأقل، ومستغلة بشكل جيد، وأقل بشاعة.
كما يتطلب الأمر التفكير جديا في بناء مجمعات سكنية تمتاز بمواصفات عالية، وتحتوي على مختلف الخدمات الترفيهية بحيث تشكل واحات داخل العاصمة، يمكن عن طريقها، إقناع آلاف الأسر للعودة للسكن فيها، وجعل تلك المجمعات نموذجا يحتذى في البناء الرأسي، بعد أن اصبح البناء الأفقي كثير التكلفة وعالي الصيانة.
مسؤولية تنفيذ هذه الأمور تقع بكاملها على عاتق الوزير المثالي لإنجاز هذه المهمة، كونه الوزير الذي يتولى إدارة الجهتين المعنيتين بمظهر العاصمة، وشخصيتها وطابعها العام، والمسؤول عن تغير السكن للمواطنين، وإن قام بشيء مما ينتظره الكثيرون فسيشكل ذلك علامة فارقة في تاريخ الكويت، وتاريخ الوزير السياسي، وسيكون إضافة مميزة للعهد الجديد.
أحمد الصراف