ألا يقضي المنطق بأن العلوم والتكنولوجيا، حين تتقدم وتتطوّر، يجب أن تشمل جميع الميادين، لكونها تغيّر الإطار الفكري الذي ننظر من خلاله إلى محيطنا، من أصغر صغير إلى أكبر كبير؟ قلتُ للقلم: ما قصدك؟ إلى أين تريد الذهاب؟ قال: تشغلني مظاهر الدعابة في كل صغيرة وكبيرة من حياتنا. لقد غدت فيزياء الكمّ تتحكم في سلوكنا وبيوتنا ومؤسساتنا وغذائنا ودوائنا، ووسائط إعلامنا، وأمن المجتمعات والأوطان، ومع ذلك لا يزال جلّ العالم العربي بعيداً بُعداً نجوميّاً من التوفيق بين معرفة مبادئ تشغيل الأجهزة، وبين الإلمام بما وراء آليات عملها من علم وتكنولوجيا. الأهمّ هو ألا يقع الناس في مشهد كاريكاتوري، فيعيشوا بدماغ طريقة تفكير قديمة، بين أدوات تفصله عنها مسافات زمنيّة شاسعة.لولا أن مناهج التربية والتعليم، كانت دائماً مرمى العتاب، حتى باتت تشكو: «أأنا العاشق الوحيد لتُلقى.. تبعاتُ الهوى على كتفيّا»، لأطفحنا الكيل، بأنها المسؤولة عن تغيير طرائق التفكير، في عصر التحولات العلمية والتكنولوجية، حتى في الموادّ التي يتوهم البعض أنها لا علاقة لها بالعلوم. في المنطق والفلسفة، كان المسلّم به، منذ الفلاسفة ما قبل السقراطيين، حتى أوائل القرن العشرين، أن الشيء الواحد لا يمكن أن يكون في مكانين مختلفين في آن. جاءت فيزياء الكمّ بألعابها الظريفة، وأثبتت أن الإلكترون لا يمكن تحديد موقعه. مَكرهٌ عجيب، فهو جُسَيْم وموجة أيضاً. يتهادى راقصاً كالموجة، لكن، لمّا بدا يتثنّى، نظرتَ إليه فصار جُسَيْماً كالكرة. هذه الحركات الأكروباتية تحتاج إلى نموذج فكري جديد للمنطق والفلسفة. لك أن تقول إن في التراث ومضات علميةً، فيزيائيةً بالذات، كانت خافيةً على القدامى. ما أروع قول المجنون: «أقلّب طرفي في السماء لعلّهُ.. يوافق طرفي طرفَها حين تنظرُ». يحتاج العرب إلى مليون ملهَم مجنون.كم في العالميْن العربي والإسلامي من كليات للشريعة وأصول الدين، أو ما شاكلها في الجامعات وغيرها؟ السؤال: كم عدد تلك التي أدرجت في مناهجها تدريس الفيزياء الفلكية تحديداً؟ هل يمكن الحديث، في أعلى مؤسسات التعليم الديني، عن الكون وملكوت السماوات والأرض والفلك والنجوم والشمس والقمر، من دون الإطار المناسب: علوم الكون؟ بل إنه أضحى من غير المعقول فصل الفيزياء عن الكيمياء والأحياء، لإدراك عظمة الآية: «قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق» (العنكبوت 20). الخلق مفعول والضمير في بدأ، يعود على الخالق سبحانه.لزوم ما يلزم: النتيجة الاستكمالية: العمود انتهى، التتمات في صفحة خيال القارئ.
لكي يواكب الفكر العصر
مواضيع ذات صلة