: آخر تحديث

لا تدمروا سوريا

4
4
3

خالد بن حمد المالك

بعد سنين بلغت السبعين سنة، عانى خلالها الشعب السوري العذاب من حافظ الأسد ومن بعده ابنه بشار، نجح السوريون في إسقاط رئيس النظام، رغم حمايته من إيران وحزب الله وروسيا، وانهار معه كل مصنع للمخدرات، وكل سلاح منفلت بأيدي الغزاة، وتحرَّرت البلاد من قبضة النظام البائد، وعادت سوريا حرة، لكنها بقيت مهددة من المتربصين بها، الرافضين لعودة الأمن والاستقرار لها، بعضهم من الداخل، وآخرون من الخارج.

* *

ومنذ تسلّم أحمد الشرع رئاسة البلاد، ومع تشكيل حكومة تمثِّل الشعب، فإن هذا لم يكن كافياً لطمأنة المواطنين بأن السوريين سيكونون على موعد مع لم الشمل، ودفن الفتنة، وفك الأغلال، والتحرر من الخوف، والشعور بالاطمئنان مع نظام جديد، والقضاء على مصادر الفساد والجريمة، والتخابر مع الخارج لمنع ما يلحق الضرر بسوريا، فقد كان المتربصون في جهوزية عالية لممارسة دور المؤثِّر سلباً على مستقبل البلاد، يجرُّها إلى خلافات تبعدها عن الهدف من التصدي لفلول نظام بشار الأسد.

* *

هذه التحديات التي واجهتها سوريا الجديدة، ويعاني منها النظام الجديد، لا تخدم أحداً سوى الأعداء، الرافضين للعملية الإصلاحية التي تقودها الحكومة الجديدة، ويسعى المعارضون لإفشالها، إما بتوجيه من الخارج، أو لسوء فهم ممن هم من الداخل، أو لأطماع بالحصول على امتيازات مقابل الموافقة على قرارات الحكومة، وهي مطالب يمكن تمرير بعضها، والموافقة عليها، دون أن تؤثِّر على وحدة سوريا وأمنها واستقرارها، وتضمن العدل بين المواطنين والتنظيمات في كل الفرص المتاحة، ومن غير الإخلال بالمصالح العليا.

* *

ما حدث في السويداء من بعض التنظيمات من افتعال مشاكل من غير سبب، إنما هو تصعيد أخلَّ بالأمن، وعرَّض الأبرياء للقتل، وشكَّل تهديداً لخارطة الطريق المتفق عليها لبناء سوريا، وإصلاح ما أفسده النظام البائد، والأخطر أنه سمح لإسرائيل بالتدخل، وإعطاء نفسها الحق في الدفاع عن فئة الدروز من الشعب السوري ضد الجيش والأمن السوريين، رغم رفض وإدانة بعض الدروز السوريين لهذا التدخل، بل إن السيد جنبلاط القيادي الدرزي اللبناني الشهير رفض هذا التدخل واعتبره عدواناً على سوريا.

* *

ولم تقتصر التحديات التي ووجه بها النظام منذ إقصاء بشار الأسد مقتصرة على حركة الدروز في السويداء، وإنما هناك فلول النظام السابق، وبقايا الميليشيات الأجنبية الموجودة في سوريا، وجاء تنظيم (قسد) ليُفجِّر خلافاً مع الحكومة بعد أن تمت الترتيبات لانضمامه إلى النظام، وليتطور هذا الخلاف من الكلام إلى القتال، ولا تفسير لذلك غير أنه عمل لا يخدم وحدة سوريا واستقرارها.

* *

والمثير للانتباه أن كل من خرجوا عن طاعة الدولة الجديدة من أكراد ودروز كانوا ضمن من قادوا التخلّص من نظام بشار الأسد، وآن الأوان أن يكونوا ضمن من يتعاونون مع القيادة السورية بعد نهاية حكم بشار الأسد، ولا عذر لمن يخرج عن التفاهم السلمي مع الحكومة لصناعة المجد الجديد لسوريا، بدلاً من تخريبها، وزعزعة الأمن فيها، وتهديد وحدتها، وتعريضها لانتكاسات تحرمها من كسب الوقت لبناء علاقات جيدة مع شقيقاتها من الدول العربية، مبنية على التعاون، ومساعدتها على تجاوز التخلّف صحياً وتعليمياً، والعودة إلى ما كانت عليه قبل نظام الأسد من قوة كبيرة، ومنارة تعليمية متقدِّمة، فلا تخربوا بلادكم بأيديكم، وتذكَّروا ما كنتم عليه، وما أصبح عليه حالكم الآن.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد