: آخر تحديث
يجب التعامل معها على وجه السرعة:

إسرائيل أمام تحديات جمّة ينبغي مواجهتها

1
0
0

بعد عامين من الحرب في غزة ولبنان، والتي تخللتها مواجهة مع إيران، لا تزال إسرائيل تقف أمام جملة من التحديات التي تهدد أمنها القومي ومكانتها الاقتصادية والاجتماعية.

أوَّل هذه التحديات يتمثل في الوضع في قطاع غزة وكيفية التعامل معه، في وقت ما زالت حركة حماس تسيطر على أجزاء واسعة من القطاع وتفرض سلطتها على السكان عبر الترهيب والعنف. وقد أعلنت إسرائيل، على لسان كبار مسؤوليها وحتى بعض قادة المعارضة، أنها لن تسمح ببقاء حماس قوةً عسكرية أو سلطةً حاكمة في غزة. لكن السؤال المطروح هو: من سيملأ الفراغ بعد حماس؟

فالموقف الرسمي للحكومة الإسرائيلية يرفض تسليم القطاع للسلطة الفلسطينية، وتسعى إسرائيل بالتعاون مع الإدارة الأميركية إلى تشكيل قوة دولية وعربية تتولى إدارة القطاع ونزع سلاح حماس والإشراف على إعادة الإعمار. غير أن الدول العربية ترفض واحدةً تلو الأخرى تحمّل هذا العبء، متذرعةً بدعمها للسلطة الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني. إلا أن السبب الحقيقي هو خشيتها من التصادم مع عناصر حماس وتكبّد خسائر بشرية، إضافةً إلى الخوف من الظهور كقوة احتلال تخدم مصالح أجنبية وتبطش بأهالي غزة.

وبذلك، تبقى المسؤولية على عاتق الراعي الأميركي لاتفاق وقف إطلاق النار لإيجاد صيغة متفق عليها للجهة التي ستدير القطاع في المرحلة المقبلة.

أما حركة حماس، فبالرغم من الخسائر الفادحة التي مُنيت بها خلال الحرب، ما زالت تسعى للعب دور مؤثر في غزة، ولو من وراء الكواليس، على غرار الدور الذي لعبه حزب الله في لبنان قبل الحرب. وهذا تحدٍّ يتوجب على إسرائيل التعامل معه بحذر لمنع تكرار السيناريو اللبناني في غزة.

وفي الجبهة الشمالية، تواجه إسرائيل معضلة معقدة، فمن جهةٍ تصرّ على ضرورة نزع سلاح حزب الله وتستمر في استهداف عناصره ومحاولاته خرق الاتفاق والتسلل مجددًا إلى الجنوب، ومن جهةٍ أخرى لا تريد أن تُضعف الدولة اللبنانية أو تدفعها إلى حربٍ أهلية قد تكون عواقبها وخيمة على الطرفين. ومن المرجّح أن يبقى هذا الوضع على حاله خلال الأشهر وربما السنوات المقبلة.

أما على الساحة السورية، فما زال الموقف غير واضح، فبالرغم من الحديث عن اتفاق أمني وشيك بين الجانبين، لم يُسجَّل أي تقدّم فعلي، ويبدو أن الطرفين غير مستعجلين بسبب انشغالات داخلية لدى كلٍّ منهما.

إقليميًا، عادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة من جديد، إذ تشترط الدول العربية المعتدلة، وفي مقدمتها السعودية، أي تقدم في توسيع “اتفاقيات إبراهيم” بإحراز تقدّم ملموس في حلّ هذه القضية. ويبدو أن إدارة ترامب تدعم هذا الموقف، إذ أعلنت بوضوح أنها لن تسمح لإسرائيل بضم أراضٍ من الضفة الغربية، ما شكّل خيبة أمل لليمين الإسرائيلي الذي كان يعوّل على ضوءٍ أخضر أميركي. هذا الملف ما زال معلّقًا لأسباب داخلية تتعلق بتركيبة الائتلاف اليميني في إسرائيل، ومن المتوقع أن يُحسم مصيره بعد الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها بعد عام، إذا لم تُقدَّم.

أما التحدي الإيراني فما زال قائمًا بالرغم من الضربات التي تلقّاها النظام الإيراني في المواجهة الأخيرة. فإيران، وإن كانت تلعق جراحها الآن، فإنها تتعهد باستئناف المواجهة متى سنحت الظروف.

وإلى جانب هذه التحديات الأمنية الخارجية، تواجه إسرائيل تحديًا داخليًا كبيراً يتمثل في الانقسام بين معسكري اليمين ويسار الوسط، أو بالأحرى بين مؤيدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومعارضيه.

تشير استطلاعات الرأي المتتالية إلى تقدّم المعسكر المعارض، لكنه يتأرجح بين 59 و61 مقعدًا، وهو الحد الأدنى المطلوب لتشكيل حكومة. ومن أبرز القضايا الداخلية المثيرة للجدل حاليًا قضية تجنيد الشباب الحريديم (المتدينين المتشددين)، وهي قضية قد تؤدي إلى انتخابات مبكرة.

ختامًا، يتعيّن على إسرائيل معالجة الانقسام الداخلي عبر إجراء انتخابات في أسرع وقت ممكن، حتى تتمكن من الاستعداد لمواجهة التحديات الخارجية المتصاعدة التي قد تتفاقم إذا لم تُعالَج قريبًا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.