: آخر تحديث

قبل التّذكِرة والإقلاع للسياحة

2
2
2

علي الخزيم

أيها المواطن السائح: انتظر هُنَيهة وتَصفَّح ملاحظاتي السريعة لعل بها ما يفيد ولو قليلًا؛ فإن كنت تُفكّر في السفر والترحال للاصطياف والاستجمام: فلعلك تُخضِع الفكرة للتأمل العميق قبل الحجز بوسيلة السفر، فإن من الحكمة الإعداد للرحلة بكل الجوانب الضرورية؛ ولكن أرى أن هُنا ببلادنا ما يُغنِي عن السفر والأعباء المادية ومتاعب التّنقلات الدولية؛ فأمامنا مصايفنا الزاخرة بالجمال وبأجوائها طيبة الهواء؛ فمثلًا جَنُوب بلادنا لا يَقِل بهاءً وجمالًا عن بلاد نقصدها لهذا الغرض، ومناطق مملكتنا الحبيبة كافة ترحب بنا لما يتوافر لها من مقومات سياحية وتنوع بيئي رائع يُشجّع على مَزيج من المتعة والمعرفة واستقراء التاريخ.

وكمثال آخر: فإن مدينة الرياض أصبحت الآن بفضل ما توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده -حفظهما الله- من عناية بالجوانب التطويرية وتحويلها إلى مدينة جاذبة تنعم بجودة الحياة: تستقبل خلال الصيف والمواسم ملايين السياح والزوار من الداخل ومِن أقطار العالم حيث بلغت شأوًا بعيدًا من السمعة والصيت الطيب، وكانت جهات مختصة قد نَشَرت تقارير تؤكد أن الرياض كمدينة حضارية متقدمة تطرد الكآبة عن أنفس زوارها؛ وقال مجربون: بأن التَّخيِيم والرحلات البرية قليلة التكلفة بليالي الرياض غاية بالمتعة وطرد السأم؛ وهذا من دواعي تكرار المطالب بالعناية بمستوى المخيمات والاستراحات ومراقبة خدماتها وأسعارها.

إن كان العزم قد انعقد على نية السفر خارجًا: فمن الأجمل والأمتع للرحلة البعد عن التمسك بنمط مشروباتنا ووجباتنا المحببة لنا ببلادنا، فتجارب الرحلات والسياحة تقضي بأن نستمتع بما يُباح مِن أطعمة ومشروبات بلاد نَحِلّ بها ونجول بجنباتها؛ فقد تكرر من مشاهد مصورة يبثها سائحون خليجيون ومن الدول العربية الشقيقة على وسائل التواصل الاجتماعي يتباهون أثناءها بعرض ما صَنَعوه مِن قهوة عربية وأطعمة مشهورة من كل بلد، فمع الاعتزاز بهُويَّة الأوطان والمجتمعات إلّا أن متعة السفر تستدعي بأحيان كثيرة التجديد والاستزادة من التجارب المفيدة.

إن لَم تَكُن الرحلة الاستجمامية -بالداخل والخارج- مع الأسرة؛ أو مع الأصحاب أو الزملاء فهناك أمر أساس لاكتمال مِتعة الترحال؛ وكجانب مهم من مقومات نجاح رحلتك ذلك هو رفيق السَّفر، فإن ظفرت برفيق (خفيف الظل) فهو مع التفاعل المُشتَرك والتفاهم المنطقي بينكم ستجده مُريحًا للنفس طاردًا للسأم جالبًا للسعادة؛ يفهم تفكيرك وميولك ورغباتك؛ فحين تفهمه ويفهمك تتبدد أسباب تعكير المزاج واختلافات التوجهات والإصرار على رأي دون غيره بما يخالف مراد الآخرين، وضع أمام عينيك أنه عندما يكون الرفيق من أصحاب المَرَح والدُّعابات فإنه لم يكن معك ليُرفّه عنك فقط؛ فمَناط الأمر المشاركة وتزجِية زمن الرحلة بالحب والوئام.

وموهبة خِفَّة الروح والدم والظَّرَف من المَحامد التي يتمنى كل امرئ أن تكون بطبعه ومَلَكَاته؛ غير أن التّصنع وادعاء خِفة الظِّل بحركات وعبارات تبدو مُكررة (سامِجة) لا يُحسَب صاحبه من الظرفًاء؛ بل ربما استثقله القوم ونفروا منه واستبعدوا صحبته بأسفارهم، كذلك فإن تقريب أصحاب الأنفس الطيبة المرحة لا يبتعد بأي حال عن الأدبيات الراقية للرِحْلات ولا يهمل القِيَم المَرعِية بالحِل والترحال.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد