: آخر تحديث

محو الأمية الإعلامية والمعلوماتية أولوية وطنية

3
3
2

محمد سليمان العنقري

ساهم التطور الرقمي بنقلة حضارية هائلة بسهولة تناقل المعلومات والنشر بقصد الوصول لأكبر شريحة في المجتمعات من باب حق الجميع بالمعرفة، لكن ذلك لا يعني أن المثالية والإيجابية هي الوجه الوحيد لوسائل التواصل والنشر التي تستخدم التقنيات الرقمية وخدمات التكنولوجيا الحديثة للوصول للمتلقين، فهناك وجه آخر سلبي بات حاضراً ومؤثراً يتمثل في الدعاية المضللة ونشر الأكاذيب؛ بقصد تحقيق أهداف سياسية أو بث أفكار هدفها تزييف الحقائق والتاريخ عند استهداف أي مجتمع؛ بقصد خلخلة مفاهيمه عن تاريخه ورموزه وحاضره للتأثير السلبي على مستقبله لإيجاد شروخ فكرية تهدف للأضرار به، أو بقصد تحقيق مكاسب مادية أو استخدام التضليل والأكاذيب لتشويه سمعة منتج أو شركة، وحتى في مجال الإعلام الرياضي والثقافي والصحي تجد أن الكثير من الأكاذيب والتضليل ينتشر في هذه الأنشطة.

ولعل العقدين الحالي والماضي شهدا كماً هائلاً من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وطرق النشر الحديثة بشكل منظم وممنهج لم تسلم منه دول أو شركات أو مجتمعات، بل إن من أكبر الغرائب الجرأة على تزييف حقيقة تحدث أمام أنظار الجميع لمحاولة قلب النجاح إلى فشل أو التقليل من أهميته، بما يعني أن التضليل الإعلامي والمعلوماتي بات سلاحاً فعالاً وأضراره كبيرة ما لم يتم وضع استراتيجية للتصدي له والانتقال لمرحلة من الوعي المجتمعي يقلص كثيراً من ضرره، فحتى عند انتشار إشاعة كاذبة أو تزييف لحقيقة ما فإن الإسراع لنفيها لا يلغي الضرر المتحصل منها تماماً، إذ تبقى تبعاتها قائمة حتى لو بنسب بسيطة لذلك فإن رفع الوعي أو محو الأمية الإعلامية هو السلاح الفعال لتقليل أضرار الإشاعات الكاذبة أو التضليل الممنهج بنسب كبيرة جداً. إن التصدي لهذا السلاح الذي يهاجم العقول ويستهدف ترسيخ أفكار أو معلومات مضللة وضارة يستوجب إطلاق إطار عمل استراتيجي يبدأ من المنزل للمدرسة والجامعة ومجتمعات الأعمال ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع العام وكافة أطياف المجتمع، وذلك بتكثيف النشر والحوارات وتعزيز وسائل الإعلام المرخصة بكافة وسائل التواصل بخطاب متقدم يتناسب مع السلاح المضاد وطريقة بثه لسمومه من خلال محو الأمية الإعلامية والمعلوماتية، وهو المصطلح الذي بات عالمياً.

هناك طرق وأساليب ناجحة وفعالة يمكن البدء بها انطلاقاً من تقييم الوعي المجتمعي بمختلف القضايا، وكذلك تقييم وسائل الإعلام وخطابها وطرق نشرها حتى يتم توظيف الإمكانيات المناسبة لرفع الوعي الإعلامي والمعلوماتي.

إن استراتيجية إعلامية واسعة النطاق والشراكات تقوم على غزارة المعلومات وتعدد مصدريها ومهنية صياغتها وكثافة انتشارها ستحجم من تأثير الخطاب المضلل والشعبوي، كذلك تعد ضرورة أساسية في زمننا الحاضر لبناء وعي مجتمعي بناء يستطيع أفراده ومنشآته بكل سهولة التمييز بين الحقيقة والأكاذيب بمختلف المجالات.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد