: آخر تحديث

ذكرى يوم الغزو الغاشم

4
4
5

موسى بهبهاني

في بداية عام 1990 بدأ نظام طاغية العراق المقبور بانتهاج حملة إعلامية مضللة كاذبة ضد دولة الكويت بهدف إثارة السخط الشعبي ضدها.

وقد خطط لغزو الكويت مسبقاً، وقام بالإعلان عن تشكيل اتحاد عربي الهدف منه الأمن والدفاع المشترك مع كل من اليمن، الأردن ومصر، في فبراير 1989.

فجر يوم الغدر

شنت قوات الطاغية هجومها المباغت على دولة الكويت في فجر يوم 2 أغسطس 1990 واستمر الغزاة بالزحف والاستيلاء على كامل الأراضي الكويتية، وقام الطاغية بإدارة مسرحية هزلية بالإعلان عن تشكيل حكومة صورية برئاسة أحد الخونة، ثم الإعلان عن ضم دولة الكويت للعراق وإلغاء دولة مستقلة وعضوة في جامعة الدول العربية والمنظمات الدولية في سابقة غريبة.

ومنذ الساعات الأولى للاحتلال الغاشم، سطّر الكويتيون أروع معاني الوفاء والتضحية، حين أدركوا نوايا المحتل بطمس سيادة البلاد وهويتها، معلنين رفضهم التام لهذا العدوان السافر، ووقوفهم إلى جانب قيادتهم الشرعية صفاً واحداً للدفاع عن سيادة وطنهم وحريته، معلنين عصيانهم المدني ورفضهم لجميع الأوامر الصادرة عن سلطات الاحتلال، متحملين بذلك الرفض كل صنوف التعذيب والاضطهاد، معلنين الموقف الثابت والحازم بالمبايعة التاريخية للنظام الشرعي، ممثلاً بأميرنا المرحوم / الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، وولي عهده الأمين المرحوم / الشيخ سعد العبدالله الصباح، طيّب الله ثراهما.

ومع هذا الصمود الكبير من الكويتيين، عمد النظام العراقي إلى استخدام كل وسائل التخويف والتعذيب والسجن والاعتقال، كما لجأ إلى اتباع سياسة الأرض المحروقة إذ أحرق 752 بئراً نفطية، وقام بحفر الخنادق التي ملأها بالنفط والألغام، لتكون في وقت لاحق حداً فاصلاً بين قواته وقوات التحالف، ناهيك عن تدمير الموانئ البحرية وإغراق القطع البحرية والسفن في أحواض الميناء مع وضع المتفجرات والألغام فيها بحيث إن تمت عملية التعويم والتطهير يتم تفجيرها.

وتبقى ذكرى الغزو الصدامي محفورة في وجداننا لا تمحوها السنون ولا تخفف من وطأتها الأيام، فقد كانت جراحها عميقة، أدمت القلوب وأزهقت أرواح شبابنا وشرّدت أهلنا وروّعت النفوس البريئة.

نستعيد هذه الذكرى الأليمة في عامها الخامس والثلاثين، لا لنعيد الحزن بل لنُبقي الحقيقة حيّة في ذاكرة الأجيال.

جيلٌ كامل غابت عنه تفاصيل تلك الأحداث المروعة ومن واجبنا أن نرويها بصدق كي يدرك حجم التضحيات، ويعي قيمة الأمن والأمان ويستلهم من صمودنا دروساً في الثبات والكرامة.

سطر الشعب الكويتي ملحمة تاريخيّة برفض الاحتلال، فقد أظهر مقاومة وصموداً في وجه الاحتلال ، وأبدى تكاتفاً وتضامناً في مواجهة الظروف الصعبة، وتجسّدت هذه الملحمة في العديد من المواقف والأحداث التي شهدتها فترة الغزو، مثل المسيرات الاحتجاجية والمقاومة المسلحة والعصيان المدني والعمل على إدارة شؤون الوطن بسواعد أبنائها.

فبعد أن غادرت العمالة الوافدة الوطن أثناء الاحتلال قام الشباب الكويتي بإدارة كل الأعمال صغيرة كانت أو كبيرة مخاطرين بأرواحهم في ظل حكم الطاغية المجرم.

نذكر منها:

إدارة الجمعيات التعاونية - المخابز - نقل القمامة من المناطق إلى مواقع المحرقة-دفن الشهداء بعد تصوريهم -إدارة وتفعيل دور الطوارئ الطبية ( الإسعاف )- إدارة المستشفيات والمستوصفات...

الدمار شمل الحجر والمدر

وقام الغزاة بتدمير كل شيء فلم يسلم منهم الإنسان ولا الحجر ولا المدر، قتلوا، نكّّلوا، دمّروا، أحرقوا، قاموا بجريمة العصر، حرق وتفجير آبار النفط حيث حجب الدخان الكثيف ضوء الشمس فكانت سماء الكويت تغطيها الغيوم السوداء ليلاً ونهاراً.

فجر التحرير

كما تم غزو الكويت والناس نيام، بزغ نور التحرير في فجر يوم 26 /2 /1991 لتكون نهاية الاحتلال لدولة الكويت بعد فترة دامت سبعة أشهر.

وهذا النصر كان بإذن المولى عز وجل، وبصمود وتكاتف الشعب الكويتي معاً حكاماً ومحكومين، وكذلك بالدور الرسمي الكبير الذي قامت وما زالت تقوم به الكويت بالإضافة إلى العمل الخيري الشعبي والمبرات الخيرية التي غطت معظم دول العالم.

بالتأكيد لن ننسى الغدر من جارٍِ لم نقصر معه.

لن ننسى من غزا الكويت فجراً والناس نيام.

لن ننسى من حاول مسح الكويت من الخارطة.

لن ننسى من نكل بشعبنا الصامد بالقتل والتعذيب واختطاف أبنائها والذين إلى الآن لم يعرف عنهم شيئاً.

ختاماً

ستظل وتبقى الكويت عزيزة على قلوبنا رغم هذا الحدث الجلل المفجع، ونجدد الذكرى لتبقى خالدة إلى ما لا نهاية.

واليوم نمر بأحداث لا تقل أهميةً عما سبق، فبدأت في الكويت عملية إصلاحات شاملة، والكويتيون مع هذه الإصلاحات التي تشمل: محاسبة سراق المال العام، محاربة الفساد، وكشف المزوّرين... وبإذن المولى عز وجل، تتكلل تلك الجهود بالنجاح.

رحم الله أبطال التحرير ورموز الوطن، عملوا بتفان وإخلاص وعمل دؤوب حتى تحرّرت الكويت...

الشيخ جابر الأحمد الصباح

الشيخ سعدالعبدالله الصباح

الشيخ صباح الأحمد الصباح

الشيخ الشهيد فهد الأحمد الصباح

الشيخ سعود الناصر الصباح

الشيخ جابر الخالد الصباح (ربنا يشفيه)

ولن ننسى شهداءنا الأبرار، من رجال وشباب، ونساء وفتيات، وما قدموه من تضحيات جليلة للوطن العزيز، سائلين الله عز وجل، بأن يتغمدهم بواسع رحمته، ويسكنهم فسيح جناته، وينزلهم منازل الشهداء.

اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمد لله رب العالمين.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد