: آخر تحديث

السعودية.. وريادة الملكية الفكرية

5
5
4

في خطوة جديدة تؤكد حضور المملكة العربية السعودية المتنامي على الساحة الدولية، جاء انتخابها رئيسًا لعدد من الجمعيات واللجان الدولية في المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) ليمثل محطة بارزة في مسيرة المملكة نحو التميز في مجال حماية الابتكار والإبداع، ويعكس في الوقت ذاته مدى التقدير الدولي لدورها الفاعل في العمل متعدد الأطراف.

لم يأتِ هذا الانتخاب من فراغ، بل هو تتويج لجهود حثيثة ومستمرة بذلتها المملكة خلال السنوات الماضية لتكون شريكًا موثوقًا ومؤثرًا في المنظمات الدولية.

وهو أيضًا انعكاس للثقة المتزايدة التي باتت تحظى بها السعودية في المحافل العالمية، ليس فقط من خلال أدوارها الاقتصادية والسياسية، بل أيضًا عبر مشاركتها الفاعلة في رسم السياسات العالمية في مجالات نوعية مثل الملكية الفكرية، التي تمثل حجر الزاوية في اقتصاد المعرفة.

المنظمة العالمية للملكية الفكرية، التابعة للأمم المتحدة، تعد واحدة من أهم المنصات الدولية المعنية بحماية حقوق المبدعين والمخترعين والمؤلفين حول العالم.

ورئاسة المملكة لعدد من لجانها وجمعياتها هو إقرار دولي بقدرة السعودية على الإسهام في تطوير السياسات العالمية، وإدارتها للحوار الدولي حول الملكية الفكرية بطريقة متزنة وشاملة، تراعي تنوع وجهات النظر وتحترم تطلعات الشعوب والدول نحو النمو والابتكار.

وقد شهدت المملكة خلال السنوات الأخيرة طفرة نوعية في مجال حماية الملكية الفكرية، تجلت في تأسيس «الهيئة السعودية للملكية الفكرية» عام 2018، والتي انطلقت برؤية واضحة مفادها: أن تكون المملكة بيئة محفزة للابتكار والإبداع عبر منظومة متكاملة للملكية الفكرية.

وحرصت الهيئة منذ إنشائها على بناء البنية التشريعية والتنظيمية اللازمة، ورفع الوعي المجتمعي بأهمية حماية الحقوق الفكرية، وتعزيز الشراكات الدولية، بما جعل من المملكة نموذجًا إقليميًا يُحتذى به.

وتميزت السنوات الماضية باعتماد أنظمة وتشريعات متقدمة لحماية براءات الاختراع، وحقوق المؤلف، والعلامات التجارية، والتصاميم الصناعية.

كما تم إطلاق عدد من المبادرات الوطنية لنشر ثقافة الابتكار، ودعم المبدعين ورواد الأعمال، وتيسير تسجيل حقوقهم، وضمان حصولهم على الحماية القانونية اللازمة.

لا يمكن فصل هذا التقدم عن السياق الأشمل لرؤية المملكة 2030، التي أكدت في أكثر من موضع على أهمية التحول نحو اقتصاد معرفي مستدام، يقوم على تنمية رأس المال البشري، وتحفيز الابتكار، وتشجيع ريادة الأعمال.

ومن هذا المنطلق، أصبحت حماية الملكية الفكرية من الأولويات الوطنية، لما تمثله من ركيزة أساسية لتطوير المحتوى المحلي، وخلق بيئة جاذبة للاستثمار، وتفعيل الصناعات الإبداعية والتقنية.

الريادة السعودية في هذا المجال لا تقتصر على الداخل فقط، بل تمتد إلى الإسهام في صياغة التوجهات العالمية المتعلقة بالملكية الفكرية.

ومن أبرز ملامح هذا الإسهام، استضافة المملكة لعدد من الاجتماعات والمنتديات الدولية المتخصصة، وعضويتها الفاعلة في اللجان الفنية التابعة للمنظمة العالمية، ومشاركتها في رسم سياسات عادلة وشاملة تعزز حماية الحقوق وتدعم التوازن بين المبدعين والمجتمعات.

إن انتخاب المملكة رئيسًا لعدد من اللجان الدولية في WIPO من شأنه أن يعزز حضور الهيئة السعودية للملكية الفكرية كمرجعية إقليمية في هذا المجال، كما يعكس مصداقية النموذج الوطني في الحماية والتشريع، ويمنح المملكة فرصة أوسع للتأثير في مستقبل الملكية الفكرية على مستوى العالم.

كما يُعد هذا الإنجاز محفزًا إضافيًا للمبتكرين السعوديين، من طلاب الجامعات، ورواد الأعمال، والفنانين، والباحثين، للاستمرار في مشاريعهم بثقة، وهم يعلمون أن هناك نظامًا متطورًا يحمي إبداعاتهم، ويُقدّر جهودهم، ويمنحهم الأدوات اللازمة للوصول بإنتاجهم إلى أسواق العالم.

إن هذا الإنجاز الدولي لا يُعد فخرًا للمملكة فحسب، بل هو رسالة إلى كل شعوب العالم بأن السعودية ماضية في طريق التنمية، متسلحة بالإرادة والطموح، ومؤمنة بقيمة الإنسان المبدع، ودوره المحوري في بناء مستقبل أكثر إشراقًا.

فالملكية الفكرية ليست مجرد تنظيم قانوني، بل هي تعبير عن احترام الإبداع، وتقدير للخيال، واستثمار في المستقبل. وهذا بالضبط ما تمثّله المملكة اليوم.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد