سلطان ابراهيم الخلف
إنها مدعاة للسخرية، وإهانة للمجتمع الدولي، وتحقير لجائزة نوبل، أن يبادر الإرهابي نتنياهو، المطلوب القبض عليه كمجرم حرب، بحكم محكمة جرائم الحرب الدولية، بترشيح الرئيس الأميركي ترامب، لنيل جائزة نوبل للسلام.
لم يكن مستغرباً أن يتسلّم ترامب كتاب الترشيح، ويشكره على مشاعره الطيبة تجاهه، على الرغم من تورط نتنياهو في حرب إبادة سكان غزة، التي يشهد عليها ويشاهدها العالم يومياً.
أثار الترشيح حفيظة رئيس السياسة الخارجية السابق في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، وعلّق على الترشيح بسخرية «مجرم حرب مطلوب من قبل العدل الدولية، يرشّح أكبر مزوّد له بالأسلحة لنيل جائزة نوبل للسلام».
ويعتبر بوريل، من أكثر المسؤولين في الاتحاد الأوروبي انتقاداً للكيان الصهيوني على ما يقوم به من جرائم حرب في غزة، وكان يطالب بمراجعة اتفاقية الشراكة مع الكيان الصهيوني، التي لا يزال الاتحاد الأوروبي يصرّ على التمسّك بها.
وإذا كان ترامب سعيداً بقبول كتاب الترشيح لجائزة نوبل للسلام من الإرهابي نتنياهو، فإن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، كان مستاءً، ويشعر بالغضب من المقررة الأممية لحقوق الإنسان، فرانشيسكا ألبانيزي، التي أصدرت تقارير عديدة، موثقة فيها جرائم حرب الإبادة التي ارتكبها الجيش الصهيوني بحق الفلسطينيين في غزة منذ أكتوبر 2023. وقام روبيو على الفور بإصدار عقوبات على فرانشيسكا، مدعياً قيامها بجهود غير قانونية، تحث على اتخاذ إجراءات ضد مسؤولين إسرائيليين وأميركيين، وضد مديرين تنفيذيين، وشركات.
أظهرت فرانشيسكا قدراً كبيراً من الشجاعة، والمجازفة بحياتها، عندما تحدّت الكيان الصهيوني والإدارة الأميركية معاً، وفضحت شركات عملاقة التي كانت تزوّد الكيان الصهيوني بالأسلحة والذخائر، وتكنولوجيا المراقبة، التي يستخدمها الجيش الصهيوني في ملاحقة وقتل المدنيين في غزة، والتسبّب في معاناتهم. لكن معاقبة روبيو للمقررة فرانشيسكا، لن تغيّر من حقيقة حرب الإبادة في غزة، بل ستضيف فصلاً جديداً إلى فصول تورّط الإدارة الأميركية في الحرب، وتحديّها للقانون الدولي، وتعدّيها على ميثاق حقوق الإنسان الذي تنادي به الأمم المتحدة.
سبقت العقوبات على فرانشيسكا، إصدار الإدارة الأميركية عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، بعد أن أصدر مذكرة اعتقال بحق الإرهابي نتنياهو ووزير دفاعه السابق غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.
كريم خان تصرّف بحزم، ولم يستسلم كرجل قانون دولي مسؤول عن تحقيق العدالة للتهديدات التي وجهت إليه وإلى أفراد عائلته وفريق عمله في المحكمة، من قبل مجموعة من الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس الأميركي، الخاضعين لعصابة «أيباك» الصهيونية.
أمام جامعة الدول العربية فرصة، كي تنضم إلى محكمة جرائم الحرب الدولية في إدانة الكيان الصهيوني، وتحميله مسؤولية ارتكاب جرائم حرب إبادة في حق سكان غزة العرب المحاصرين، والضغط من أجل وقف العدوان، وإدخال المساعدات الإنسانية، إعمالاً بالميثاق الأممي لحقوق الإنسان.