غريب أمر هذا العالم الباحث عن السلام، المتحدث عن العدالة، عن الأمن، عن حقوق الإنسان، لكنه يتردد في الاعتراف بحق فلسطين بدولة مستقلة، هل من العدل تشريد الفلسطينيين وتجويعهم وأبادتهم أمام أنظار العالم الذي يطلق على نفسه العالم الحر، ما الذي حققه العالم الذي لا يتوقف عن حديث السلام والتنديد بالحروب والشجب والاستنكار غير تمادي إسرائيل في غطرستها وتوسعها في تحد صارخ لكل القوانين الدولية والقيم الإنسانية.
ثرثرة عالمية عن السلام غير مجدية لأنها لا تتجاوز حدود اللغة إلى عملية ذات أهداف واضحة، الدولة التي تلتزم بلغة العمل وليس منصات الخطابة في قضية فلسطين هي المملكة العربية السعودية، لا مزيد من الكلام والخطب والمفاوضات التي تنتهي لمصلحة طرف واحد، فلسطين دولة وليست قضية فقط، هي دولة ذات قضية عادلة أخفتها اللغات الدبلوماسية الخادعة والمفاوضات التي يديرها الخصم والحكم، فلسطين دولة ذات سيادة حتى لو تأخرت بعض الدول في الاعتراف بها، أو استخدم الفيتو ضد عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة.
مهما كانت العراقيل فإن الجهود المخلصة التي تقودها المملكة سوف تنجح في تحقيق مطالب فلسطين المشروعة بعد أن استيقظ العالم المغيب على حقيقة القضية وتاريخها واستحالة تحقيق السلام دون عدالة، هذا لم يتحقق إلا بجهود دبلوماسية سعودية تمكنت من تنظيم مؤتمر دولي في الأمم المتحدة كان له تأثير في تحرك دول كثيرة نحو الاعتراف بدولة فلسطين.
قضية فلسطين كانت ولا تزال هي القضية الأولى للمملكة بالدعم العملي سياسياً وإنسانياً ومادياً وليس بالشعارات والخطابات والمظاهرات، بذلت جهوداً مخلصة لتوحيد الصف الفلسطيني، قدمت مبادرات سلمية تاريخية استراتيجية أبرزها المبادرة التي تبنتها القمة العربية في بيروت عام 2002، وكانت تهدف إلى قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة حتى حدود 1967، وتحقيق السلام العادل الشامل، لم يتحرك العالم وقتها لدعم تلك المبادرة وإيقاف التعنت الإسرائيلي والتوسع الإسرائيلي حتى وصل الأمر إلى حرب إبادة للشعب الفلسطيني أمام أعين عالم يحاضر دون توقف عن العدالة والقانون الدولي وحقوق الإنسان.
أمام أوضاع مأساوية وظروف إنسانية يعيشها الشعب الفلسطيني صعبة بادرت المملكة وفرنسا في القيام بدور قيادي لعقد مؤتمر دولي يهدف لحل الدولتين واحترام القوانين الدولية والمبادئ الأخلاقية والإنسانية انطلاقاً من قناعة مؤكدة أن الحل العسكري لا يمكن أن يحقق السلام لأنه لا يحقق العدالة، هذا المؤتمر الذي حقق تفاعلاً دولياً نحو الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة يجب تفعيل نتائجه بجهود مستمرة حتى تحقيق الأهداف التي انعقد من أجلها، هو تحرك سياسي عملي يدعو إلى التفاؤل ولا يمكن أن تكون الشعارات والخطابات هي البديل.