لا حرب ولا سلام بلا نجوم. أكثر النجوم سطوعاً في الحروب الأخيرة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، المعروف بأنه لم يكُ متحمساً قط للحرب في أي مكان. حتى من لم يتابع أخباره، سيتذكر ما أذاعه مراراً قبل الحملة الانتخابية لرجوعه إلى البيت الأبيض، أنه لو كان رئيساً بين أعوام (2021 - 2024) لما اندلعت الحرب في أي مكان. ووعد بإنهاء الحروب.
صار رئيساً واندلعت حروب؛ إنما سرعان ما انتهت بين جارَيْن لصيقَيْن: الهند وباكستان أواخر أبريل (نيسان) 2025، ثم بين عدوَّيْن لدودَيْن: إسرائيل وإيران منذ 13 يونيو (حزيران).
اندلاع نيران حزيران بين تل أبيب وطهران، عطّلت الأخيرة عن مفاوضاتها مع واشنطن حول البرنامج النووي الإيراني، دون «أن يفوت أوانها» وفق ترمب ثالث أيام المواجهات؛ وفي اليوم عينه علّق «عاشق الأضواء» المثير بمواقفه: «أحياناً تكون هناك ضرورة للقتال حتى النهاية، لكننا سنرى ما سيحدث».
رأى الناس ما حدث. المواجهات ختمها تدخلٌ أميركي سريع «بشكلٍ لا مثيل له» قال سيد البيت الأبيض مشبهاً إياه بالإنهاء الأميركي الحاسم للحرب العالمية الثانية منذ ثمانين سنة؛ كان هذا سابقاً لاتباع نهج «الحروب المحدودة بالسلاح... لا بالجنود»، حسب الراحل الأستاذ أحمد بهاء الدين.
اثنا عشر يوماً من الهجمات الإسرائيلية على إيران، انقضت بتدخل الرئيس الأميركي ودعوته للطرفَيْن إلى عقد اتفاق سلام ووقف إطلاق النار. في أثناء «حرب الاثني عشر يوماً» أشهر الطرفان الآيات والآلات مسترشدين بالكتب التي كتبوها: رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو صوناً «لمكانه تحت الشمس»، والمرشد الإيراني علي خامنئي استناداً إلى «إن مع الصبر نصراً»... لكن السيد دونالد جاء بـ«فن الصفقة».
التطورات الأخيرة في المنطقة التي تتخطى التوقعات بسرعة فائقة أو مُفيقة للأذهان، مع ما يبث ترمب من تغريدات وتصريحات تكشف مكنونه، فجرت تعليقات كثيرة ساخرة ومريرة تجاه ما حدث، وأطلقت تخيلات واسعة تغذّت على وسائل الذكاء الاصطناعي بإنشاء الصور والفيديوهات. وحفّزت تخيل لقاء ثلاثي بين مواليد حزيران -حسب رصد الأستاذ رئيس التحرير لتواريخ أعلام حرب حزيران الجديدة-: خامنئي، ونتنياهو وترمب الذي يُشهر القول الفصل بين الاثنين المتشبثين بتدمير كليهما، والمقتنعين بانتصارهما!
بعد أن يوجّه ترمب اللوم على تبادل خرق اتفاق وقف النار المعلن من لديه، ويعلنهما بأخطائهما ويعدّد إضرارهما ببعضهما -حسب تصريحاته قبل قمة «الناتو»- سينبههما إلى أنه «لولا وجودي لاتسع نطاق الحرب. وأؤكد أن ما فعلته كان ضرورياً جداً؛ لأنه يُبقي عليكما الاثنين معاً، مهما بدا التدخل حاسماً لصالح طرف معين».
سيُذكرهما أيضاً أن وقوع «عملية خاطفة لضرب المنشآت النووية الإيرانية» أقرب إلى «ابتكار نموذج حرب خاطفة تؤتي أكلها سريعاً وتضخ سعرات حرارية يتطلبها شق طريق سلام تحتاج إليه المنطقة، وينبغي له أن يجتاح العالم. وقد فعلت الذي فعلت، كوني لا أريد أن تفعل الحرب بي ما فعلت بغيري، بل أن أفعل بالحرب ما لا يفعله غيري، أن أتحكم فيها لكي تخدم أهدافنا المشتركة».
مثلما ختم الحرب بنموذج جديد، نتخيل ترمب يختم حديثه مع خامنئي ونتنياهو: «أعزائي، كل الأضرار جانبية والتعويضات سهلة. مثلما تحتضن السماء النجوم، تتسع الحياة لنا جميعاً أعداءً وأصدقاء، حلفاءَ وشركاء ألداء، لتكن إذن صفقة يباركها الرب».