: آخر تحديث

حتى يكتمل العزم الاقتصادي

3
3
3

عمر الطبطبائي

في مقال سابق، تحدثنا عن أن حقبة الحزم السياسي لا تكتمل حكومياً دون عزم اقتصادي حكومي يترجم الأقوال إلى أفعال، ويحول الأمر إلى خطة طريق.

لكننا اليوم أمام سؤال أعمق: هل يكفي العزم الاقتصادي وحده؟

الاقتصاد ليس مجرد أرقام، ولا حزمة قرارات إدارية أو تقنية، إنما هو انعكاس مباشر لطبيعة الدولة، وعقيدتها التنموية، ومدى انسجام أدواتها، فالعزم الاقتصادي بلا مشروع قوة بلا اتجاه.

مطلوب من الدولة التي تسعى إلى اصلاح اقتصادي امتلاك رؤية وطنية شاملة، فكل قرار اقتصادي يجب أن يكون مرتبطاً بسؤال: «أي مستقبل نريد؟».

فما الذي ينقصنا اليوم؟

الوضع الحكومي اليوم: لسنا بلا موارد، ولسنا بلا كفاءات، لكننا نحتاج مشروعاً واضحاً، مع تعريف موحد للمصلحة العامة، كما نحتاج خارطة طريق تتفق عليها الدولة عبر حكومتها بمختلف وزاراتها وهيئاتها.

العزم الاقتصادي الحقيقي يبدأ من تعريف دور الدولة، هل نحن دولة راعية أم ممكنة؟ هل الاقتصاد يقاد من الحكومة أم من السوق أو القطاع الخاص؟ ويستكمل بوضوح في هوية الدولة التنموية، هل نريد اقتصاد خدمات؟ صناعة؟ تكنولوجيا؟ أم ننتظر أن نقلد من سبقنا؟ وكذلك يتجلى في علاقة المواطن بالدولة، هل مازلنا نعامل المواطن كمستهلك للدعم، أم كشريك في الانتاج؟ وينتهي عند ثقافة القرار الحكومي، فهل نتخذه حين يطلب؟ أم حين يجب؟

دستورنا واضح، لدينا شباب طموح يجب ألا نحبطه ببيروقراطية قاتلة، لدينا ملاءة مالية يجب ربطها بآلية تصنع منها قيمة مضافة.

خلاصة القول، الحزم السياسي خطوة، والعزم الاقتصادي ضرورة، لكن الثمر يجب أن يبنى على أساس مشروع وطني شامل.

نحن بحاجة إلى ما هو أكبر من قانون من الحكومة، وأعمق من إجراء، نحن بحاجة إلى رؤية حكومية تلهم، وخارطة تنفذ، وإدارة تنجز، وقبل أن نبحث عن الاستثمارات، فلنسأل: أي مستقبل نريد أن نبني؟

كل دولة تمر بمرحلة سؤال، نحن اليوم في مرحلة الجواب، والجواب المطلوب من الحكومة لا يكون بالحزم الحكومي فقط، بل بمشروع يقنعنا أن المستقبل ليس صدفة بل قراراً.

اللهم قد قلنا ما في ضميرنا فكن لنا شهيداً.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد