عماد الدين حسين
هل صحيح أن المواجهة الإسرائيلية - الإيرانية، التي توقف إطلاق النار فيها يوم الثلاثاء الماضي، كان يمكن أن تتحول إلى حرب عالمية ثالثة؟ هذا السؤال سمعناه يتكرر من العديد من المسؤولين في منطقة الشرق الأوسط، بل وفى عواصم دولية، وفى معظم وسائل الإعلام قبل الحرب وخلالها.
أغلبية من يتحدثون عن خشيتهم من نشوب حرب عالمية ثالثة لم يكلفوا أنفسهم طرح سؤال بديهي جداً وهو: إذا كانت هناك خشية من وقوع حرب عالمية ثالثة فمن هي أطراف هذه الحرب؟!
لو قمنا بتحليل مواقف الأطراف الدولية الكبرى فعلياً وليس بالتصريحات والمواقف العنترية فسوف نكتشف ببساطة أنه لا يوجد طرفان كبيران محددان يمكن أن يشكلا مواجهة عالمية.
هذا هو طرف معلن أما الطرف الثاني وهو إيران التي وجهت صواريخها ضد إسرائيل، فمن الذي دعمها في هذه الحرب؟! القوى الفعلية التى تدعم إيران هي منظمات وتنظيمات من الفاعلين من غير الدول، مثل حركة حماس وحزب الله وجماعة الحوثيين، والحشد الشعبي وجميعهم تعرضوا لعمليات نوعية من إسرائيل أو أمريكا، ولم يعد في مقدورهم تغيير المعادلة، بل وصاروا أضعف بكثير مقارنة بأوضاع ما قبل 7 أكتوبر 2023.
هناك دول تصدر بيانات دعم وتأييد لإيران، لكنها بلا قيمة فعلية على أرض الواقع، وهناك دول لو انضمت لإيران وقدمت لها الدعم العسكري المباشر فربما كان يمكن أن نخشى من حرب عالمية ثالثة.
روسيا تخوض معركة مصيرية في أوكرانيا، ورغم دعم دول حلف الناتو لأوكرانيا فلم تدخل في حرب علنية ضد الحلف، كما لم تحارب بعد سقوط نظام حليفها بشار الأسد في سوريا ونهاية نفوذها في هذا المنطقة المهمة من العالم فهل تحارب من أجل إيران؟!
ثم إن علاقات روسيا مع أمريكا صارت أفضل إلى حد كبير بعد إعادة انتخاب ترامب، وهو أمر خلط كثيراً من الأوراق في الأزمة الأوكرانية، وبالتالي فالأولوية الروسية الحالية هي الحفاظ على علاقات ودية مع ترامب، وليس محاربته من أجل إيران.
العلاقات الاقتصادية للصين مع أمريكا تحتل المرتبة الأولى، وكل تجارب وأزمات السنوات العشرين الأخيرة منذ غزو أمريكا للعراق عام 2003 تقول بوضوح، إن الصين لم تتورط في أي مغامرة عسكرية، وتفرغت لتقوية اقتصادها، وبالتالي فإن أقصى ما يمكن أن تفعله لإيران هو الدعم المعنوي والدبلوماسي والسياسي.
الإجابة مرة أخرى هي أنها غير موجودة تماماً إلا في أذهان قلة من الناس، بعضهم يلوح بها ظناً أن ذلك سيشكل ضغطاً على الولايات المتحدة وإسرائيل من أجل وقف الحرب على إيران قبل توقفها رسمياً الثلاثاء الماضي.
الاحتمالان الأساسيان لاندلاع هذه الحرب أن تشتبك روسيا وحلف الناتو في أوكرانيا، أو تتواجه الولايات المتحدة مع الصين لمنعها من تجاوزها اقتصادياً، وغير ذلك يظل ما نشهده مجرد حروب محلية، أو في أفضل الأحوال حروباً إقليمية، لكن من الخطأ البالغ وصفها بأنها عالمية!