: آخر تحديث

نعم... قارن سوريا بلبنان!

5
5
6

عانى السوريون طوال أربعة عشر عاماً من أجل إسقاط المجرم بشار الأسد، ودحر إيران وميليشياتها، وعلى رأسها «حزب الله»، وإيقاف الدعم الروسي للأسد، كما عانوا من الضربات الإسرائيلية على بلادهم فترة الأسد، وبعد سقوطه.

ولم يمنح السوريون إسرائيل أي مبرر للقيام بذلك العدوان، الذي بلغ 700 ضربة بعد سقوط الأسد، وخلال خمسة أشهر من عمر الإدارة السورية الجديدة، وكان أخطرها الضربة التي كانت بجوار القصر الذي يسكنه الرئيس أحمد الشرع.

وعانى السوريون أيما معاناة بسبب العقوبات الأميركية والأوروبية، التي وضعت لإنقاذهم من جرائم الأسد، لكنها حالت دون انطلاق بناء سوريا الجديدة. فما الذي فعله السوريون بقيادة الرئيس الشرع؟

هل طافوا العالم طلباً للدعم؟ لا! هل تباكوا وتظلموا؟ لا! هل أعلنوا الجنون وقرروا محاربة إسرائيل، والرد على استفزازات «حزب الله»، وغيره في لبنان، أو العراق؟ لا!

قرر السوريون العمل بعقل، ورغم التشكيك - ولا ضير في التشكيك - رغم أن كثراً كانوا على استعداد لمنح الأسد الفرصة تلو الأخرى، مع أنه كان يؤمن، قولاً وعملاً، بأن السياسة هي الكذب!

عرف الرئيس الشرع أن بوابة المنطقة والعالم هي السعودية، واستوعب أن التعامل مع الجوار أمر واقع، وليس ترفاً، فحرص على تركيا، وقد يقول البعض إنه لا خيارات له، لكنه أظهر التوازن، ولم يصعّد تجاه العربدة الإسرائيلية واستوعب واقع سوريا.

ولم يستجب للاستفزازات، ولم يصعّد بخطاب قومي، أو إسلاموي، ولم يشحن السوريين بخطابات عبثية كما فعل الأسد، أو «حزب الله» وأنصاره الآن، بل أعلن بوضوح أن سوريا منهكة من الحروب، وتحتاج إلى إعادة إعمار بشراكة واستثمار، وليس معونات.

وسعى لرفع العقوبات الأميركية والأوروبية، وطلب إعادة العلاقة السورية - الأميركية، ونجح من خلال السعودية، حيث أعلن ترمب رفع العقوبات بناء على طلب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

والآن تتحدث مصادر عن مفاوضات مباشرة سورية - إسرائيلية، من أجل وقف العدوان الإسرائيلي الذي تراجع فعلياً، وحتى كتابة المقال، بعد لقاء ترمب والشرع في الرياض، ومن دون دعاية، أو شعارات مضللة.

وبدأ الرئيس الشرع الآن بترتيب البيت الداخلي، رغم كل محاولات التخريب داخلياً وخارجياً، وها هي العجلة انطلقت بسوريا.

وهنا سيقول القارئ ماذا عن لبنان؟ وهذا السؤال! لبنان، الذي هو في حفرة، ولا يزال يحفر.

لبنان لا يزال مشغولاً بـ«تدوير الزوايا»، والبحث عن الدعم، وعودة العرب، من دون أن يحسم: هل السلاح بيد الدولة، أو أنه دولة مختطفة تحت وطأة السلاح؟

يوافق الرئيس محمود عباس على أن لا سلاح فلسطينياً خارج سيطرة الدولة اللبنانية، لكن «حزب الله» يريد أن يكون سلاحه فوق سلطة الدولة بحجة فلسطين! ويريد لبنان إعادة الإعمار لكنه يتباطأ في فرض سلطة الدولة.

والمقارنة تطول، وعليه؛ فإن السؤال هو: هل يريد أن يكون لبنان دولة، أو بقايا دولة؟ الإجابة في لبنان، لأنه لا أحد يريد إضاعة وقته، وجهده، وماله، لإنقاذ من لا يريد إنقاذ نفسه.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد