: آخر تحديث

ما هكذا يورد الطيران يا توني!

4
3
4

منيف الحربي

الأسبوع الماضي، أطلق السيد توني دوجلاس، الرئيس التنفيذي لطيران الرياض، تصريحات مثيرة للجدل خلال منتدى صندوق الاستثمارات العامة في الرياض، حيث قال نصّاً:

«نحن نعلم جميعاً في هذه الغرفة صعوبة السفر إلى بعض أجزاء العالم في رحلات مباشرة، لذلك سأستخدم بعض الأمثلة، لا يمكننا السفر مباشرة من الرياض إلى طوكيو أو شنغهاي أو سيئول أو سيدني، والقائمة تطول.. العدد الأكبر من الركاب على متن الخطوط القطرية في درجتي الأعمال والأولى هم من حاملي الجواز السعودي»، ثم كرر قائلاً: «طيران قطري حرام». وأضاف: «هذا غير مقبول تماماً، ثالث أكبر عدد من المسافرين على طيران الإمارات في الدرجة الأولى هم السعوديون، أنا سأسافر إلى ميامي الأسبوع المقبل لحضور منتدى الاستثمار، وسأسافر على طيران الإمارات لأنه لا توجد رحلات مباشرة من الرياض إلى ميامي، حرام حرام حرام، يجب إصلاح ذلك، إنه التزام طيران الرياض وسنوفر هذه الرحلات لمواطني المملكة، سنوفر هذه الرحلات المباشرة وسيكون لدينا 100 وجهة بحلول 2030م».

أثارت هذه التصريحات تفاعلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، ما دفعني إلى التعليق عبر منصة X قائلاً:

«حرام أن يكون طرح رئيس طيران الرياض بهذا الشكل، صحيح أن هناك نواقص يجري العمل على استكمالها، لكن قطاع الطيران السعودي ليس بالسوء الذي يصوره، إذا كان السيد دوجلاس سيذهب الأسبوع المقبل إلى ميامي عبر دبي كما يقول، فقد كان بإمكانه السفر مباشرة على متن الخطوط السعودية إلى نيويورك أو واشنطن ومن هناك إلى ميامي، ستكون مدة الرحلة مماثلة أو أقلّ، وستكون الخدمة تضاهي أو أفضل، لم يكن من المناسب تكرار كلمة «حرام» وكأن السعوديين لا يجدون وسيلة للسفر، فالخطوط السعودية وطيران ناس تصلان إلى أكثر من 140 وجهة مباشرة، بينما طيران الإمارات تصل إلى 137 وجهة مع فارق شبكة الوجهات الداخلية، طيران الرياض ستكون إضافة سعودية فاخرة لعالم الطيران ومستقبل السفر وستصبح بإذن الله أيقونة النقل الجوي، لكن ما هكذا تورد الإبل يا توني!».

خبير الطيران أ. علي الدخيل، علّق على التصريحات قائلاً: «الغريب هو تداول الحديث وكأنه إنجاز أو اكتشاف جديد في صناعة الطيران، بينما هو في الحقيقة يخالف أبجديات بناء شبكات الطيران التي تعتمد أولاً على نموذج العمل، إن فتح مسارات جديدة يتطلب دراسات استراتيجية وتسويقية معقدة لضمان جدواها الاقتصادية، ولو كانت الوجهات المذكورة في تصريح دوجلاس مجدية اقتصادياً؛ لكانت الخطوط السعودية قد بادرت إلى تشغيلها وفضلّتها على وجهات أخرى، المسألة باختصار تتعلق بنماذج العمل وأولويات التسويق، وكان الأجدر أن يتطرق الحديث إلى موعد وصول الطائرات الجديدة وتشغيل الرحلات، خاصة بعد الأنباء عن تأخر شركة بوينج في تسليم الطائرات وتأثير ذلك على خطط طيران الرياض».

لاحظت أن التعليقات على تعليقي انقسمت إلى فئتين: الأولى مؤيدة لرؤية دوجلاس، ومعظمهم ممن ينظرون إلى الطيران من منظور جماهيري بحت، والثانية ناقدة وغير مؤيدة، وتضم المختصين وخبراء الطيران الذين يدركون أن الأمور أعمق من مجرد إضافة مسارات مباشرة.

أحد الأصدقاء أرسل لي تعليقاً محايداً: «أن دوجلاس ربما تعمّد المبالغة لتسليط الضوء على القضايا الرئيسية التي ستركز عليها الشركة مستقبلاً».

قد يكون الأمر كذلك، لكن المكان والزمان لم يكونا مناسبين لهذا الأسلوب الشعبوي، الذي كان يستخدمه أكبر الباكر، الرئيس السابق للخطوط القطرية، الذي كان أذكى في توظيفه، حيث لم يكن يلجأ إليه إلا بعد تحقيق إنجاز فعلي، بهدف الترويج للنجاحات وليس مجرد وعود مستقبلية.

لو كنتُ مكان رئيس طيران الرياض، لقلت: «الخطوط السعودية كانت تصل إلى مشارق الأرض ومغاربها قبل نصف قرن، ومع تغيّر المعطيات واتساع العالم، نحن هنا لمواكبة هذا التوسع والمساهمة في جعل منظومة الطيران المدني السعودي علامة فارقة عالمياً».

أخيراً، في مايو من العام الماضي، ظهر توني دوجلاس في لقاء تلفزيوني وأكد أن تشغيل طيران الرياض سيكون في الربع الثاني من عام 2025م، مشيراً إلى أن البعض قد يرى هذا الموعد بعيداً لكنّهم في طيران الرياض يعملون وكأنه صباح الغد، الآن، الربع الثاني على الأبواب، فهل ستتحقق وعود السيد توني بعيداً عن التصريحات الصاخبة؟


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد