يرجّح بعض العراقيين الظنّ على الحقّ في الالتزام باتفاقية خور عبد الله، وملفّها الدولي المعتمد من الكويت والعراق، بعد أن كَثُر الحديث عن ملف يُفترض أنّه حُسِم وفق قواعد دولية، لا ثنائية، ولا إملاءات خارجية.
إنّ الخوض في الاتفاقيات الدولية ليس مجديًا في ظلّ أجواء تسودها حالة من النفور، والتحريض، والتشكيك، التي نتمنّى ألا تدوم إلى ما لا نهاية، حتى لا ندور في فلك حلقات مفرغة أو دوامة الظنون حول اتفاقية خور عبد الله الدولية.
وبعيدًا عن قواعد القانون الدولي، وضرورة موافقة الكويت والعراق على أي تعديل أو إلغاء للاتفاقية الدولية، يظلّ السؤال المشروع: هل سينتهي احتدام التوتر والشدّ والجذب بين الطرفين العراقي والكويتي، من دون التعميم طبعًا على الجميع؟
جزء من خور عبد الله مياهه ضحلة، وجزء آخر عميق، والجزء العميق أفضل من الآخر، لكنّ الظنّ لدى بعض العراقيين بات يخلط بين الحقّ والظنّ، إلى درجة التقليل من شأن سيادة العراق عند الحديث عن "بيع" خور عبد الله للكويت!
الأخ العزيز البرلماني العراقي السابق فائق الشيخ علي له تعليقات وآراء تُطرَح أحيانًا بسخرية سياسية، وأحيانًا بقسوة موضوعية، لكن صوته غير مقبول لدى النخب السياسية في العراق!
وقد تساءل مؤخرًا عن "عقد بيع خور عبد الله"، وثمن الشراء، ومكان التوقيع والاتفاق، ولم يلقَ تساؤله تعليقًا موضوعيًا باستثناء عواصف من الشتائم من الجبهة المعادية لأي رأي أو منشور للأخ فائق الشيخ علي على حسابه في منصة "إكس".
ولأنّ معارضي السياسي العراقي المُهجّر قسرًا فائق الشيخ علي من الجماعات الموالية لإيران الخمينية في العراق وخارجه كثر، فإنّ معظم التعليقات كانت شتائم وسبًّا وقذفًا، في حين يستمرّ مشهد القهقهات والهدوء لدى "أبي أروى"!
نترك التفاصيل الدقيقة لمراجعها الدولية المحايدة، للفصل في مدى صحة وسلامة اتفاقية خور عبد الله، إن أجازت القواعد القانونية إعادة فتح ملف الاتفاقية بموافقة العراق والكويت.
جدلًا، ماذا لو أخذت الكويت ـ بموجب حق قانوني دولي ـ الجزء العميق من المياه، وذهب الجزء الضحل للعراق؟ هل ستستفيد بغداد من الملاحة في مياه ضحلة؟
الجواب الحاسم، طبعًا، لدى الجهات القانونية الدولية المعنية بجزأي المياه الضحلة والعميقة في خور عبد الله؛ لكن ماذا يمكن أن يقول أهل التحريض في العراق ضد الكويت عن هذه النتيجة القانونية؟
لن أتطوع بالإجابة عن سؤال يخصّ أهل العراق وساستهم وبرلمانيهم، لكن يمكن الجزم ـ بشكل قاطع ـ بأنّ إيران الخمينية لن يروق لها الحقّ الحاسم أو القرار الدولي، حتى لو حسم مجلس الأمن الدولي الأمر لصالح الكويت!
هل يُفترض بالكويت أن تتنازل عن حقل "الدرة" الواقع في جنوبها، أي عن حقها في مواردها الطبيعية، لصالح إيران، مقابل موافقة عراقية إيرانية على اتفاقية دولية بشأن خور عبد الله؟
أغلب الظن أنّ إيران وجماعاتها السياسية والمسلحة في العراق تتحكّم في مفاصل القرار، وتحرّض أبواقها ضد الكويت واتفاقية خور عبد الله؛ لذلك، فإنّ من مصلحة العراق استثمار صوت العقل والحكمة، لعزل بغداد عن الهيمنة الإيرانية.
وأغلب الظن أنّ هذه التعقيدات ما كانت لتحدث لولا التدخّل والتوغّل الإيراني في مفاصل القرار العراقي وتهاون بغداد في مواجهة هذه التدخلات والتعقيدات المفتعلة!
وقد حذّر الأخ العزيز فائق الشيخ علي، قبل شهور، من علاقة سببية لإيران في ملفي اتفاقية "خور عبد الله" وحقل "الدرة"، لكن، للأسف، لم تُناقش هذه العلاقة المشبوهة في العراق!