: آخر تحديث

لماذا الاستثمار الخارجي الأفضل في أمريكا؟

8
8
6

محمد سليمان العنقري

اتصال هاتفي جرى بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الوزراء مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بعيد دخوله للبيت الأبيض، ليبدأ ولايته الثانية وقد أعلن عن نية المملكة استثمار 600 مليار دولار مع أمريكا خلال أربعة أعوام قادمة مع إمكانية زيادتها بحسب الفرص التي تظهر مستقبلا وهذا الاتجاه يعد مكملا ومتماشيا مع ما يضخ من استثمارات في الاقتصاد الوطني منذ إطلاق رؤية 2030 التي أصبحت ملهمة لدول عديدة في الشرق الأوسط والاقتصادات الناشئة عموما ولكن بماذا ستنعكس هذه الاستثمارات داخليا فهو بالتأكيد السؤال الأهم الذي يطرح وفي هذه المرحلة من عمر الرؤية التي تؤسس لنقلة كبرى بالاقتصاد السعودي بعد إتمام الأسس التي ستنطلق منها لآفاق جديدة وتنافسية دوليا.

بداية تستهدف المملكة وفق استراتيجيتها الاستثمارية داخل الاقتصاد الوطني ضخ ما بين 7 إلى 10 تريليونات دولار أي أن الرقم الذي سيستثمر في أمريكا يراوح مابين 6 إلى 8 في المائة مما سيضخ محليا ولكن ما هي انعكاساته فالرؤية بخلاف أنها إعادة تعريف المصالح مع الخارج فهي رسخت لمفهوم شراكات استراتيجية دولية عديدة مع كبرى الاقتصادات مثل الصين واليابان والهند ودول أوروبية وعربية وحتى مع أمريكا اللاتينية وذلك لتعزيز الانتشار للمنتجات السعودية عالميا وأيضا جذب الاستثمارات البينية وزيادة التبادل التجاري ولتصبح المملكة مستقبلا لاعبا رئيسا دوليا في سلاسل الإمداد وأيضا بقطاع التعدين والصناعات المتولدة منه في مجالات الطاقة المتجددة التي تتجه السعودية لأن تكون مصدرا لمختلف أنواع الطاقة إضافة للصناعات الحديثة في مجال السيارات الكهربائية وملحقاتها مع تطوير دور قطاعات السياحة والعقار والنقل والخدمات اللوجستية لتكون رافدا اقتصاديا مهما وذلك بالاعتماد على الرقمنة والذكاء الاصطناعي وكافة التقنيات الحديثة في كافة أعمال قطاعاتها بل حتى التأسيس لقطاع البيانات الذي يعد من أهم القطاعات نموا وطلبا بالعالم وذلك بقصد تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل.

فكل ما ذكر وأكثر يحتاج ليس للمال فقط، بل للكوادر البشرية التي يتم تأهيلها وفق استراتيجية طموحة إضافة للعامل المهم وهو الشراكة مع الخارج والتعامل العميق مع كبرى الشركات العالمية بمختلف المجالات الحديثة وتعد أمريكا موطنا لأهمها فالشركات السبعة الكبار في التكنولوجيا عالميا والأكبر بالقيمة السوقية هي شركات أمريكية ووادي السيليكون معقل أهم شركات العالم والمكان الذي تبتكر فيه أغلب الاختراعات بالعالم ومع توجه أمريكا للنهوض باقتصادها فإن فرصة الاستثمار في أسواقها بالمجالات التقنية الحديثة تبدو ذهبية لتحقيق مكاسب كبيرة إضافة إلى أن حجم التبادل التجاري سنويا مع أمريكا 30 مليار دولار والاستثمارات بين الدولتين كبيرة جدا وراسخة منذ عقود على المستوى الرسمي والقطاع الخاص والأفراد وبما أن المملكة تتجه نحو تطور واسع بكافة القطاعات فهي بحاجة للاستثمار في التقنيات الحديثة لتوطينها وزيادة الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد مستقبلا إضافة للاستفادة القصوى من تنشيط قطاعاتها الرئيسة اللوجستية والتعدينية والطاقة والبتروكيماويات وكون هذه الاستثمارات تعد مصدر دخل مهم وأمن نظرا لقوة السندات الأمريكية وعمق سوقها الضخم والعوائد الجيدة من نمو أعمال شركاتها.

عادة ما تبنى الاستثمارات الخارجية بنسب تمثل حجم كل دولة بالناتج الإجمالي العالمي وأمريكا تمثل 25 في المائة منه ويفترض ان تكون نسبة الاستثمارات الخارجية لأي صندوق استثماري دولي سواء سيادي أو خاص تتماشى مع هذه النسب تماما وتزيد أو تقل عنها بقليل بحسب ظروف الأسواق، فالاقتصاد العربي مثلا يمثل 3 في المائة من الاقتصاد العالمي وباستثناء الاقتصاد السعودي فتصل نسبته إلى 2 في المائة أي أن ما يمكن استثماره عربيا من حجم الاستثمار الخارجي يفترض أن يكون بمقدار قريب من هذه النسبة لأنها اقتصادات ناشئة أو نامية محدودة الحجم ولكن واقعيا فإن المملكة استثمرت بأكبر من هذه النسبة بكثير بخلاف التبادل التجاري حيث تعد المملكة الشريك التجاري الأول لأغلب الدول العربية ويعمل ملايين العرب في سوقها ويعدون مصدرا مهما لتنشيط اقتصاد دولهم عبر الحوالات المالية المليارية سنويا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد