: آخر تحديث

«الملكية الفكرية» والمشاركة المجتمعية.. الوعي يتشكّل!

14
13
13

أحمد الجميعة

لا يوجد اليوم دولة تبحث عن موقع مهم ومؤثر مع العالم الأول، وتحترم القانون، وتحفظ الحقوق؛ إلّا وتكون الحماية الفكرية على رأس اهتماماتها وأولوياتها، بل أكثر من ذلك تريد أن تحمي مصالحها في تشجيع وجذب الاستثمارات الخارجية، وتنمية الأصول غير الملموسة، وتعزيز مكانتها في تعظيم دور البحث والابتكار، وكل هذا حماية للفكر والإبداع الذي هو أساس التقدّم للمجتمع، وتنافسيته عالمياً.

أتذكر تماماً كيف كان النقاش المجتمعي والإعلامي مع إعلان تأسيس الهيئة السعودية للملكية الفكرية في العام 2018، وكان السؤال هل حماية الحقوق الفكرية تستحق أن تكون هيئة مستقلة؟ ثم توالت الأسئلة الأخرى؛ كيف ستنجح في ظل تشتت الاختصاصات والأنظمة مع جهات متعددة؟ وكم من السنوات الطويلة التي ستأخذها الهيئة لمرحلة التأسيس، ثم التفكير في الانطلاق مع استبعاد موضوع المنافسة تماماً؟ وكيف ستتعامل الهيئة مع واقع صعب من انتهاك الحقوق الفكرية في المجتمع وتوعية أفراده بأهميته وخطورته؟

اليوم بعد مرور ست سنوات من تأسيس الهيئة، أصبحت الرؤية واضحة في حماية حق المؤلف، وبراءات الاختراع، والعلامات التجارية، والنماذج الصناعية، والأصناف النباتية، والتصاميم، وغيرها من المهام الأخرى، وقطعت الهيئة شوطاً كبيراً ومختلفاً، بل ومميزاً في تحقيق أهدافها الاستراتيجية، والأرقام شاهدة على ذلك، حيث أظهر التقرير نصف السنوي للهيئة لهذا العام 2024 تقدماً في زيادة عدد الطلبات المودعة في مجال براءات الاختراع لتصل إلى 4015 طلباً؛ بزيادة 20% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، بينما بلغ عدد الوثائق الصادرة 1938 وثيقة، بنسبة نمو 49%، كذلك تنامي عدد طلبات براءات الاختراع المودعة من فئة الأفراد بنسبة 53%، وطلبات براءات الاختراع من خارج المملكة بنسبة 26%، إضافة إلى زيادة عدد طلبات التسجيل المودعة للعلامات التجارية 12% بإجمالي يصل إلى 24303 خلال هذا العام، ونمو طلبات التسجيل الاختياري لمصنفات حقوق المؤلف بنسبة 80%.

إضافة إلى كل ذلك؛ أصبحت السعودية مرجعاً مهماً في حماية الحقوق الفكرية في دول الإقليم، وكثير من الدول المحيطة تطلب التجربة السعودية الناجحة في هذا المجال، كذلك الحضور الدولي للسعودية في منظمات وهيئات ومراكز متخصصة في الملكية الفكرية، وتبادل الخبرات والتجارب معها، حيث ساهمت هذه الجهود رغم عمر الهيئة القصير في أن تكون السعودية نموذجاً مميزاً، وتحديداً في تطبيق سياسة التوازن والفاعلية في التعامل مع المتغيرات المتسارعة في مجال الملكية الفكرية.

صحيح هناك تحديات تواجه عمل الهيئة، ومنها تقنيات الذكاء الاصطناعي، والقرصنة الرقمية للأصول الفكرية، وغيرها، ولكن علّمتنا رؤية السعودية 2030 أن الفرص قبل التحديات، حيث يمكن استثمار الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات وتطوير الأنظمة والممارسات، كذلك ما يتعلق بالقرصنة الرقمية؛ نؤسس لمرحلة وعي جديدة في المجتمع تجاه الملكية الفكرية والتي وصلت حالياً في حدود 56%.

دائماً نقول إن التوعية «المعرفة» متاحة للجميع، ولكن المطلوب هو الوعي «المشاركة المجتمعية»؛ لتحقيق هدف طموح بأن يحمي أفراد المجتمع أنفسهم من أي انتهاكات فكرية، وتكون الهيئة وسيلة لحفظ الحقوق بين الجميع، لأنه في النهاية «لن يُحمى إبداعك وعلامتك التجارية وكافة حقوقك ما لم تحمها أنت أولاً بالإبلاغ عنها».


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.