يوافق اليوم؛ الحادي عشر من شهر سبتمبر ذكرى واحد من أهم الأيام التي أحدثت أثراً عميقاً في تاريخ النقل الجوي، فالطيران قبل صباح الثلاثاء 11 سبتمبر 2001 ليس كالطيران بعده، ولن يكون.
إن الندوب التي بقيت في قلوب أسر الضحايا ستظل جرحاً في ذاكرة الطيران على مر الزمن، لقد أضحى رقم 11/9 رمزاً يدلُّ على معنى وحيد يتجاوز الأربع طائرات والتسعة عشر إرهابياً والثلاثة آلاف ضحية، ليطال حياة ملايين البشر ومستقبل العالم السياسي والاقتصادي، غير أن ما يهمنا هنا هو مجال الطيران والأثر الهائل الذي خلّفته تلك الأحداث.
قبل 23 عاماً من اليوم تعرّضت الولايات المتحدة لأعنف هجوم في تاريخها الحديث، وتعرّض مجال الطيران لأعنف هزة كانت نقطة تحول محوري وفرضت تقييماً شاملاً لاستراتيجيات أمن الطيران في جميع دول العالم سواء ما يتعلق بتبادل المعلومات الاستخباراتية أو فرض سياسات وإجراءات على الأرض وفي السماء، بالمطارات وداخل كبائن الطائرات، لقد تغيّر مفهوم أمن الطيران جذريّاً وأصبح مفهوماً مختلفاً بصورة كاملة، فهو لم يعد مقتصراً على الحماية من التهديدات بل امتد ليشمل إدارة المخاطر وتطوير التقنيات الأمنية (بما فيها الأمن السيبراني لاحقاً) والتدريب المستمر على كافة السيناريوهات.
من أبرز التغيرات التي حدثت جاء تأسيس إدارة أمن النقل في الولايات المتحدة الأمريكية (TSA) وهي وكالة حكومية أُنشِئت خصيصاً لتعزيز أمن الطيران، إضافة لزيادة التدابير الأمنية في جميع مطارات العالم وتعقيد إجراءات فحص الركاب والأمتعة، ورعاية أبحاث تطوير تقنيات الكشف عن المواد وكذلك القيود الصارمة على الأغراض التي يمكن شحنها أو حملها مع الركاب خاصة السوائل.
أيضاً تم تطوير أبواب قمرة القيادة لتكون مصفّحة ومقاومة للاقتحام أو الكسر، كذلك التشديد على منع الدخول إلى قمرة القيادة وضرورة وجود أحد طاقم الملاحين في الخارج عند فتحها، وخضعت الأطقم الجوية لتدريبات متقدمة على كيفية التعامل مع الطوارئ مثل محاولات الاختطاف أو التهديدات الإرهابية، كما طالت التغيرات منع الأدوات الحادة كالسكاكين والمقصات واستبدال الأدوات المعدنية المستخدمة في الوجبات بأخرى بلاستيكية، أيضاً تغيّرت طريقة التواصل بين الطيارين والأطراف الأخرى ذات العلاقة؛ مثل المراقبة الجوية من أجل تحديد وجود أي أمر مريب على الطائرة والتعامل معه بشكل فوري لتقديم المساعدة أو تغيير المسار.
إن أمن الطيران يعدّ ركيزة أساسية بجانب ركيزة السلامة، وهما الجناحان اللذان يحلّق بهما الطيران من أجل سلامتي وأمني وسلامتك وأمنك.
تمرّ الأيام وتذهب أجيال وتتوارى الذكريات، لكن بعض الأحداث تظل عصيّة على النسيان مهما تطاولت الأزمان.