مراكز بحثية إسرائيلية بدأت مؤخراً في الكشف عن أن الاغتيالات عند إسرائيل تمثل عقيدة راسخة في عقلية الدولة، أكثر من كونها رد فعل انتقامياً.صحيفة هاآرتس الإسرائيلية كتبت تقول: إن الاغتيالات كانت دائماً في قاموس مفردات الدولة منذ قيامها. وقالت: إن سياسة الاغتيال لا تحقق لها أي إنجاز استراتيجي، وهو نفس ما ذكره المركز الموسوعي الأمريكي، من أن الاغتيال كان دائماً أسلوباً للممارسات الإسرائيلية، ولم يكن لديها ما يحول دون استخدامه، حتى ولو كان القانون الدولي يحرّمه.وتوقف أمام ذلك موقع (M27) الإعلامي بقوله: إن اغتيال إسماعيل هنية لم يكن حدثاً منفرداً، بل هو جزء من مسيرة عقائدية طويلة، وسواء كان المستهدف من الاغتيالات فلسطينيين أم غيرهم، فإنها كانت مدفوعة بعقيدة تحكم العقلية العسكرية للدولة الإسرائيلية.وتضيف الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط باربرا سالفين، بأن اغتيال إسماعيل هنية هو استمرار مروّع ورهيب لعقيدة الاغتيال المسيطرة على العقل الإسرائيلي للدولة، وهو سلوك لن يحقق لإسرائيل استعادة كرامتها أو هيبتها.وتاريخياً فإن الاغتيالات كانت عقيدة تملكت قادة إسرائيل حتى من قبل قيامها عام 1947، وحين كان قادة المنظمات الخارجة على القانون، والذين أصبحوا هم قادتها ورؤساء وزرائها، هم الذين اغتالوا عام 1947 الكونت برنادوت- السويدي الجنسية- ومندوب الأمم المتحدة في فلسطين، والمكلف من مجلس الأمن بالتوسط في هدنة في النزاع العربي– الإسرائيلي، والذي اعتبرته إسرائيل عدواً لها، لمجرد التزامه بالقانون الدولي والمعايير الأخلاقية في وساطته.ثم إن نفس عقيدة الاغتيال في العقلية الإسرائيلية، كانت وراء اغتيال الرئيس الأمريكي جون كنيدي، لمجرد أنه أبدى تعاطفاً مع الحق الفلسطيني، بالإضافة إلى قراره منع إسرائيل من إجراء بحوث لإنتاج قنبلة نووية، وهو ما كشف عنه المؤرخ اليهودي الإسرائيلي افنر كوهن في كتابه «إسرائيل والقنبلة»، مزوداً بالوثائق التي تثبت قتل إسرائيل لكنيدي.ولم يكن كنيدي وحده من الرؤساء الأمريكيين المستهدف بالاغتيال من إسرائيل، فقد كشفت الأوراق الخاصة للرئيس هارى ترومان بعد وفاته- والتي تحدثت عنها ابنته- أن إسرائيل كانت قد قررت اغتياله عندما شعرت أنه لا ينوي الاعتراف بقيام دولتها عام 1948، وهو ما دفعه للتراجع فضلاً عن الضغوط التي مارستها عليه القوى اليهودية في أمريكا، فكان أول رئيس دولة في العالم يعترف بإسرائيل تحت التهديد بالقتل.هذه العقيدة للدولة الإسرائيلية تحدثت عنها شخصيات إسرائيلية، إنها تعكس حالة غياب الدولة في الفكر السياسي لها.هو ما تحدثت عنه الكاتبة الإسرائيلية إيانا دايان على القناة التلفزيونية (12)، بقولها إن إسرائيل تعيش الآن محنة غياب الدولة بالمعنى السياسي والقانوني، خاصة أن سياسات الدول عموماً لا تنفصل عن التزامها بقواعد الدبلوماسية والعلاقات الإنسانية واحترام القانون الدولي.وقد أضاف إلى هذا التوصيف الصحفي الأمريكي ديفيد ريمنيك قوله: إن مشكله إسرائيل هي أنها مصابة بالعمى السياسي، والذي يدفع هذه الدولة إلى سلوك الخارجين على القانون.إن الرغبة في ممارسة الاغتيال زادت وضوحاً عند نتنياهو، بعد فشله طوال 300 يوم في حرب غزة، فعاد إلى فتح صندوق الاغتيالات، متصوراً أنه قد يعوض نكساته في حرب غزة، ووجد أن اغتيال إسماعيل هنية في طهران، وفؤاد شكر في لبنان، قد يكون البديل عن انتكاساته في غزة، وربما يكون طريقاً يستعيد به الإسرائيليون ثقتهم في جيشهم، وفق تصوير الاغتيالات لهم على أنها إنجاز، وهو ما جر وراءه عقليات إسرائيليه تأثرت بنظريته، حسب ما نقلته صحيفة معاريف من نتيجة استطلاع للرأي أظهر أن 69% من الإسرائيليين يؤيدون الاغتيالات، وأن 19% فقط هم الذين يعارضونها.لم يكن بعيداً عن ذلك كله الترتيب لاغتيال الزعيم الراحل ياسر عرفات، وهو ما كشف عنه الكاتب الإسرائيلي رونين بريجمان في كتابه «التاريخ السري لإسرائيل»، وقال: إن أرييل شارون رئيس الوزراء السابق أصدر عام 1982 أوامر للموساد بإسقاط طائرة تحمل 30 طفلاً فلسطينياً جريحاً فوق البحر المتوسط، كانوا قد نجوا من مذبحة صبرا وشاتيلا في لبنان، لاعتقاده بأن ياسر عرفات ضمن ركاب الطائرة، ثم جرى إلغاء الخطة بعد أن تبين أن عرفات ليس من بين ركاب الطائرة.وفيما بعد كشف مؤرخون إسرائيليون، عن أن إسرائيل هي التي قتلت عرفات، أثناء علاجه في باريس.
الاغتيالات.. عقيدة أم رد فعل؟
مواضيع ذات صلة