: آخر تحديث

كيف ستواجه واشنطن التصعيد الصيني في تايوان؟

11
11
11

فور أداء الرئيس لاي تشينغ تي اليمين كرئيس جديد لتايوان في العشرين من مايو الماضي، أجرت الصين تدريبات عسكرية واسعة حول تايوان، كرسالة تحذيرية قوية موجهة للقيادة التايوانية الجديدة ذات النزعة الانفصالية القوية وواشنطن معاً.

المناورات العسكرية التحذيرية القوية للصين لتايوان، تعد الثالثة خلال سنتين فقط، وغالباً تأتي كرد فعل على الدعم الأمريكي العسكري والسياسي لتايوان. إضافة إلى الاختراقات الجوية والبحرية المحدودة للمجال الجوي والبحري لتايوان بين الحين والآخر. وهذا لا يشي إلا على تصميم الصين الراسخ على ضم الجزيرة للسيادة الصينية أو الحفاظ على سياسة الدولة الواحدة ذات النظامين أو عدم انفصال تايوان. مع العلم، أن ضم تايوان للصين بصورة نهائية مصلحة صينية راسخة لا حياد عنها، لكنها مؤجلة لأجل غير مسمى فقط لاعتبارات عدة، أهمها بالطبع عدم التعجل في صدام عسكري مع واشنطن، التي تعتبر هي الأخرى مسألة الضم خطاً أحمر غير مسموح للصين بتجاوزه.

في سياق عزيمة الصين الراسخة على الأقل في الأجل القريب على منع انفصال تايوان، والدعم الأمريكي القوى لتايوان، ولا سيما العسكري على الأقل أيضاً للحفاظ على سياسة الصين الواحدة ذات النظامين بصفة مستمرة، مع وجود نزعة انفصالية قوية داخل تايوان. حيث فاز الرئيس لاي تشينغ تي الذي ينتمى لأكبر حزب داعم للانفصال، بأغلبية.

أصبحت تايوان معضلة عويصة في سياق الحرب الباردة بين واشنطن وبكين. ويتبدى من المناورات العسكرية للصين حول تايوان، أنها مجرد تحذير لواشنطن تحديداً؛ أي عدم عزم أو رغبة الصين في صدام عسكري مع واشنطن حالياً. لكنها تشير أيضاً إلى إمكانية هذا الصدام، وإمكانية الضم في غضون ساعات. وذلك إذا استمر الوضع الحالي وخاصة الدعم العسكري القوى لتايوان الذي تضاعف خلال فترة بايدن. ومن الجهة المقابلة، نرى أن واشنطن غير مستعدة أو راغبة في الدخول في حرب مع الصين عامة، وليس فقط لأجل تايوان.

لذا، فالدعم العسكري الأمريكي لتايوان مجرد ورقة ضغط على الصين، وتأهيل تايوان على المدى الطويل لسيناريو ضم جبري، خاصة أنها تمد تايوان بأسلحة ذكية متطورة للغاية بسبب التفاوت الهائل في ميزان القوى مع الصين.

لكن السياسة الأهم التي تعول عليها واشنطن لردع الصين عن غزو تايوان، والتي بدأتها منذ إدارة أوباما، وتوسعت بصورة كبيرة خلال بايدن. تتمحور حول تعزيز التحالفات الأمنية الجماعية والثنائية في الباسيفيك.

ففور بدء الصين المناورات الأخيرة، صرحت «الخارجية الأمريكية» عن التزامها بتحالفاتها مع الشركاء في المحيط الهادئ. وأثناء حوار «شنجريلا» السنوي الذي يعقد في سنغافورة، قابل وزير الدفاع الأمريكي أوستن عدداً من حلفاء واشنطن كالفلبين واليابان، وأكد علانية التزام واشنطن بالتحالفات مع الدول «ذات التفكير المتماثل» لمواجهة التهديدات في المحيطين الهندي والهادي. ومن اللافت أيضاً أنه قد أشار أن الولايات المتحدة ليست في حرب الآن مع الصين، لكن هذه الحرب غير مستبعدة أيضاً.

قامت واشنطن خلال فترة بايدن بتوسيع تحالف «كواد الرباعي»، وتأسيس تحالف «أكواس النووي»، وتوسيع تحالفها الأمني مع الفلبين. وتشجيع الشراكات والتحالفات الأمنية بين اليابان والهند وأستراليا. وكل ذلك بغرض إضعاف النفوذ الصيني في آسيا، وفي خضم ذلك الضغط عليها في أخطر ملفين تايوان وبحر الصين الجنوبي.

وسياسة بناء التحالفات تعد من منظور واشنطن الخيار الأمثل لإضعاف الصين من دون الانجرار في حرب عالمية ثالثة. فتكوين شبكة تحالفات أمنية حول الصين، سيمثل عامل ردع قوياً للصين، التي تميل إلى الحذر الشديد في سياستها خاصة العسكرية. كما تفضل خيار الاستمرار في تقوية اقتصادها كوسيلة ذهبية للنفوذ وبناء القوة.

خلاصة القول، أصبحت تايوان معضلة عويصة في إطار العلاقات بين بكين وواشنطن. ويتبدى أن التفكير الأمريكي – الصيني في هذه المعضلة خلال الفترة الحالية والمستقبل القريب، سيرتكز على التصعيد القوى غير المباشر، أي من دون الانجرار في مواجهة عسكرية، للحفاظ على وضع مُرضٍ للطرفين، توقف واشنطن عن دعم تايوان، وحفاظ الصين على سياستها التقليدية تجاه تايوان «دولة واحدة ذات نظامين».

 

د. نورة صالح المجيم

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد