: آخر تحديث

يوم الجمعة الدراسي

9
9
8

نسبة الغياب في المدارس يوم الجمعة، تحتاج إلى إعادة نظر الجهات المختصة، فالنسبة تتزايد وبارتفاع مستمر، وأغلب السبب لدى أولياء الأمور بأن الدراسة في يوم الجمعة بالذات خفيفة ولا يؤثر الغياب فيها، فيما كثير من الطرائق يمكن استخدامها لضمان حضور الطلبة 100%، بتخصيص يوم الجمعة لامتحانات التقويم أو غيرها من الامتحانات المصيرية، والسبل كثيرة لضمان الالتزام بالحضور، إلا أن أفضلها التأثير في وعي المجتمع والفكر السائد بأهمية الالتزام، وارتباطه بحب الوطن.

فحضور الاختبار في يوم الجمعة يلزم أولياء الأمور أولاً بضرورة حضور الطلبة، ومن ثم الطلبة أنفسهم، فإقناع ولي الأمر هنا أهم من الطالب نفسه، فهو ولي لعدد من الطلبة بمختلف المراحل، ودوره مهم جداً في الاقتناع بضرورة الالتزام بالقوانين، فاليوم قد يكون التفريط في يوم دراسي قصير، هيناً، إلا أنه يؤسس لضياع الالتزام مستقبلاً بقوانين وحقوق كثيرة.

وكان أولياء الأمور سابقاً أغلبهم أميين لا يعرفون الكتابة والقراءة، إلا أنهم كانوا حريصين جداً على حضور أبنائهم اليومي للمدرسة، وعدم التفريط في يوم واحد، لدرجة أن الواحد منهم حتى لو أصيب بجرح أو إصابة طفيفة، فإنها تلف وتغطى ليذهب الطالب إلى مدرسته.

ويحضرني هنا موقف كيف كانت والدتي، حفظها الله، شديدة وحريصة على ذهاب جميع أبنائها للمدرسة، وكان أخي الصغير قد تعرض للدغ الدبابير في وجهة، وأصبح وجهه منتفخاً ويكاد لا يرى بصيص النور بعينه، إلا أنها كانت حريصة على ذهابه إلى المدرسة، مادام يستطيع الحركة والتواصل، فيما أرجعته إدارة المدرسة بعدها للمنزل، وعاتب سائق الحافلة المواطن أمي، لإرسال ولدها للمدرسة وهو بتلك الحال، إلا أن فكرها كان متشبثاً بأن لا يُضيّع ابنها يوماً دراسياً واحداً، وهي حال واحدة من ضمن الأمهات الأميات في الماضي، وكيف كنّ حريصات كل الحرص على ذهاب أبنائهنّ للدراسة.

ولعدم استفحال الغياب في يوم الجمعة، لا بدّ من ضرورة متابعة جميع أيام غياب الطالب مع أولياء الأمور، وإحضارهم إلى المدرسة في حالة تكرار غياب أبنائهم، وتعديد الكوادر والموارد التي خصصت للطلبة في ذلك اليوم، وأهدرت وفقدت فائدتها بإهمالهم، واليوم الذي هدر من ميزانية الدولة، يؤسس لضياع الكثير من الأموال والحقوق مستقبلاً.

والأفضل أن نعمل معاً مع الجهات التربوية بالطرائق المناسبة على تأسيس ثقافة المجتمع في الالتزام بكل القوانين، مهما تكن سهولتها، ونساعد على تأصيل القيم والمبادئ الوطنية في أجيالنا، فاليوم هم طلبة على مقاعد الدراسة، وغداً هم مسؤولون وأولياء أمور يؤسسون الأسر على منهج راسخ بحب الوطن.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد