الحزم يقتضي أن تستعد للمشكلة قبل وقوعها، يتضاعفُ الواجب في ذلك، إذا كانت مقدّمات ورياح هذه المشكلة ملحوظة وملموسة ومشمومة.
نحن في دول الخليج، وركنها الأكبر السعودية، نعيش بمنطقة مشتعلة، من كل الاتجاهات، أو كما سبق الوصف هنا «حديقة محاطة بحريقة».
قلّب نظرك شمالاً، ستجد سوريا في حربٍ أهلية، واشتباكات إقليمية، وتنافسات دولية، ستجد إيران وميليشياتها، وتركيا وجماعاتها، وروسيا وفيالقها، وأميركا وقواعدها، وستجد «داعش» تتنّفس بحرارة، و«القاعدة» تعمل بغزارة، والقوات الكردية تدافع بضراوة، وستجد مع هذا كله، نظام الأسد، يرمي بشرر، وإسرائيل تفترس السماء السورية وتجوس خلال الديار.
قلّب نظرك شمالاً بشرق، ستجد «عراقاً» يجاور الجار الصعب، الطامع بنفوذٍ دائم في عراق المنصور والرشيد، عراق فيصل ونوري السعيد... ستجد ميليشيات مرتهنة لـ«الحرس الثوري»، تمسك بزمام البلاد والعباد، وترهن كل العراق في خزنة البازار الثوري الإيراني.
قلّب نظرك شمالاً بغرب، ستجد «لبناناً» محتّلاً من فيلق من فيالق «الحرس الثوري»، نذر نفسه للتفاني في خدمة «ولي أمر المسلمين» في طهران، دام ظلّهُ الشريف، ستجد نخباً سياسية يهمّها جني المال وتربية الولاءات الشخصية، ستجد وميضَ نار فتنة أهلية خلل الرماد.
ستجد فلسطين بغزّتها النازفة، و«حماسها» المستقتلة على مذبح الخرافات الإخوانية والأوهام العصمنلية، ونتنياهو المهووس بخرافات اليمين الصهيوني، ووزراء في حكومته ينتمون لخرافات دينية سياسية، يقودون بلادهم والمنطقة لمعركة «هرمجدون».
ثم أعد النظرَ كرّة أخرى نحو الجنوب، وما أدراك ما الجنوب، لتجد اليمن غير السعيد، بين طاعون الحوثي وهزال خصومه في اليمن وتفرّق رأيهم، وكيد بعضهم لبعض، وأهواء شتّى، وتجد تخبّطاً غربياً للتعامل مع العبث الحوثي، وبعضٌ منّا يقول إنه لؤمٌ سياسي غربي وليس تخبّطاً وسذاجة.
لذلك، ولغير ذلك، فالحزم يقتضي ألا نركن إلى ظاهر الاستقرار الذي نحياه، والحمد الله على وفير النعم، ونحن نحاول الإبحار نحو مياه المستقبل العذراء.
وبعدُ، فقبل يومين أوقفت السلطات الكويتية مواطناً كان يخطط للقيام بأعمال إرهابية في البلاد، بينها استهداف معسكرات تابعة للقوات الأميركية الموجودة في الكويت. وأشارت نيابة الكويت إلى ضلوع متهمين آخرين في التخطيط لهذه الأعمال... كما أشارت النيابة على موقعها بـ«إكس» إلى أنَّ المتهم «نشر تسجيلات مرئية ومسموعة لأعمال ذلك التنظيم وأخباره في مواقع التواصل الاجتماعي تأييداً له».
في 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، كانت الكويت أعلنت إحباط مخطّطٍ كان يستهدف مسجد الإمام الصادق للطائفة الشيعية، وقُبض على ثلاثة متهمين ينتمون لـ«داعش» ويحملون جنسية دولة عربية وهم يعملون بالكويت.
لستُ متشائماً أو مرجفاً، لكن في الوقت نفسه، لستُ مغفّلاً أو مخدّراً، ما زلنا في المعركة، لا يجوز الالتهاء بجمع الغنائم وترك جبل الرُماة!